الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الجزء الثاني
فائدة:قَوْلُهُ: وهو بَدَلٌ. يعنى لِكُلِّ ما يَفْعَلُهُ بِالْمَاءِ من الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وقال الْمُصَنِّفُ فيه إنْ احْتَاجَ وَكَوَطْءِ حَائِضٍ انْقَطَعَ دَمُهَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وهو الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يَحْرُمُ الْوَطْءُ وَالْحَالَةُ هذه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا ابن الصَّيْرَفِيِّ عنه.
فائدة: لَا يُكْرَهُ لِعَادِمِ الْمَاءِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ إنْ لم يَخَفْ الْعَنَتَ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَحَّحَهُ أبو الْمَعَالِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُذْهَبِ. قَوْلُهُ وهو بَدَلٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا دُخُولُ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ لِفَرْضٍ قبل وَقْتِهِ وَلَا لِنَذْرٍ في وَقْتِ النَّهْيِ عنه. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وفي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تَخْرِيجٌ بِالْجَوَازِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ وَلَا لِنَفْلٍ مُعَيَّنٍ قبل وَقْتِهِمَا نَصَّ عليه وَخَرَجَ وَلَا لِنَفْلٍ وَقِيلَ مُطْلَقٌ بِلَا سَبَبِ وَقْتِ نَهْيٍ وَقِيلَ بَلَى وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْفَرْضِ قبل وَقْتِهِ فَالنَّفَلُ الْمُعَيَّنُ أَوْلَى انْتَهَى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَصَحُّ.
تنبيه: مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ وهو الْمَذْهَبُ فَأَمَّا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ رَافِعٌ فَيَجُوزُ ذلك كما في كل وَقْتٍ على ما يَأْتِي بَيَانُهُ. قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ.
فائدة: النَّذْرُ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ كَالْفَرْضِ وَالْجِنَازَةِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ كَالنَّفْلِ قال ذلك في الرِّعَايَةِ. وفي قَوْلِهِ الْجِنَازَةُ كَالنَّفْلِ نَظَرٌ مع قَوْلِهِ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ كَالْفَرْضِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ عليها ثَانِيًا وَيَأْتِي بَيَانُ وَقْتِ ذلك عنه. قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ الثَّانِي الْعَجْزُ عن اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ أَنَّ الْعَدَمَ سَوَاءٌ كان حَضَرًا أو سَفَرًا وَسَوَاءٌ كان الْعَادِمُ مُطْلَقًا أو مَحْبُوسًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْعَدَمِ إلَّا في السَّفَرِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ من حُبِسَ في الْمِصْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُعِيدُ وَجَزَمَ في الْإِفَادَاتِ بِأَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ يُعِيدُ. وَيَأْتِي هُنَاكَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ في السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَالْمُحَرَّمِ وَالطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قال الْقَاضِي وَلَوْ خَرَجَ إلَى ضَيْعَةٍ له تُقَارِبُ الْبُنْيَانَ وَالْمَنَازِلَ وَلَوْ بِخَمْسِينَ خُطْوَةً جَازَ له التَّيَمُّمُ وَالصَّلَاةُ على الرَّاحِلَةِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ إلَّا في السَّفَرِ الْمُبَاحِ الطَّوِيلِ. فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يُصَلِّي وَيُعِيدُ بِلَا نِزَاعٍ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُعِيدُ على الصَّحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُعِيدُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَيَأْتِي إذَا خَرَجَ إلَى أَرْضِ بَلَدِهِ لِحَاجَةٍ كَالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِيَةُ لو عَجَزَ الْمَرِيضُ عن الْحَرَكَةِ وَعَمَّنْ يوضيه [يوضئه] فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَادِمِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ إنْ انْتَظَرَ من يوضيه [يوضئه] تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا يُعِيدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ ابن أبي مُوسَى وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَنْتَظِرُ من يوضيه [يوضئه] وَلَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ يَنْتَظِرُ الْمَاءَ قَرِيبًا فَأَشْبَهَ الْمُشْتَغِلَ بِالِاسْتِقَاءِ. قَوْلُهُ أو لِضَرَرٍ في اسْتِعْمَالِهِ من جُرْحٍ. يَجُوزُ له التَّيَمُّمُ إذَا حَصَلَ له ضَرَرٌ بِاسْتِعْمَالِهِ في بَدَنِهِ أو بَقَاءِ شَيْنٍ أو نَظَائِرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ له التَّيَمُّمُ إلَّا إذَا خَافَ التَّلَفَ اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. قَوْلُهُ أو بَرْدٍ. يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ بَعْدَ غَسْلِ ما يُمْكِنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ سَوَاءٌ كان في الْحَضَرِ أو السَّفَرِ وَعَنْهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ في الْحَضَرِ، وَأَمَّا الْإِعَادَةُ فَتَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فائدة: قَوْلُهُ من جُرْحٍ أو بَرْدٍ شَدِيدٍ أو مَرَضٍ يُخْشَى زِيَادَتُهُ أو تَطَاوُلُهُ وَكَذَا لو خَافَ حُدُوثَ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ أو عَطَشٍ يَخَافُهُ على نَفْسِهِ. إذَا خَافَ على نَفْسِهِ الْعَطَشَ حَبَسَ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ بِلَا نِزَاعٍ وَحكاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. قَوْلُهُ أو رَفِيقِهِ. يَعْنِي الْمُحْتَرَمَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ إذَا وَجَدَ عَطْشَانًا يَخَافُ تَلَفَهُ لَزِمَهُ سَقْيُهُ وَتَيَمَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن تَمِيمٍ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَى الْعَطْشَانِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال أبو بَكْرٍ في مُقْنِعِهِ وَالْقَاضِي لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَجِبُ حَبْسُ الْمَاءِ لِلْعَطَشِ الْغَيْرِ الْمُتَوَقَّعِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ قال في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهَانِ أَيْضًا في خَوْفِهِ عَطَشَ نَفْسِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَوْ خَافَ أَنْ يَعْطَشَ بَعْدَ ذلك هو أو أَهْلُهُ أو عَبْدُهُ أو أَمَتُهُ لم يَجِبْ دَفْعُهُ إلَيْهِ وَقِيلَ بَلَى بِثَمَنِهِ إنْ وَجَبَ الدَّفْعُ عن نَفْسِ الْعَطْشَانِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ لِطَهَارَةِ غَيْرِهِ بِحَالٍ انْتَهَى.
فوائد: منها إذَا وَجَدَ الْخَائِفُ من الْعَطَشِ مَاءً طَاهِرًا أو مَاءً نَجِسًا يَكْفِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا لِشُرْبِهِ حَبَسَ الطَّاهِرَ لِشُرْبِهِ وَأَرَاقَ النَّجِسَ إنْ اسْتَغْنَى عن شُرْبِهِ فَإِنْ خَافَ حَبَسَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ. وقال الْقَاضِي يَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ وَيَحْبِسُ النَّجِسَ لِشُرْبِهِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وهو الصَّحِيحُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يَشْرَبُ الْمَاءَ النَّجِسَ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَمِنْهَا لو أمكنة أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ فقال في الْفُرُوعِ إطْلَاقُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَعْنِي بِاللُّزُومِ. وَمِنْهَا لو مَاتَ رَبُّ الْمَاءِ يَمَّمَهُ رَفِيقُهُ الْعَطْشَانُ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ في مَكَانِهِ وَقْتَ إتْلَافِهِ لِوَرَثَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في النِّهَايَةِ وَإِنْ غَرِمَهُ. مَكَانَهُ فَبِمِثْلِهِ وَقِيلَ الْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ قال أبو بَكْرٍ في الْمُقْنِعِ وَالتنبيه، وَقِيلَ رَفِيقُهُ أَوْلَى إنْ خَافَ الْمَوْتَ وَإِلَّا فَالْمَيِّتُ أَوْلَى وَيَأْتِي حُكْمُ فَضْلَةِ الْمَاءِ من الْمَيِّتِ آخِرَ الْبَابِ.
فائدة: لو خَافَ فَوْتَ رُفْقَةٍ سَاغَ له التَّيَمُّمُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ لم يَخَفْ ضَرَرًا بِفَوْتِ الرُّفْقَةِ لِفَوْتِ الْإِلْفِ وَالْأُنْسِ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو بَهِيمَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَيَدَعُ الْمَاءَ لِخَوْفِهِ على بَهِيمَةِ غَيْرِهِ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِهِ على بَهِيمَةِ غَيْرِهِ كَبَهِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قُلْت وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فإن قَوْلَهُ أو رَفِيقِهِ أو بَهِيمَتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ في بَهِيمَتِهِ إلَى رَفِيقِهِ فَتَقْدِيرُهُ أو بَهِيمَةِ رَفِيقِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُوَافِقًا لِلْمَذْهَبِ وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِي مُرَادُهُ بِالْبَهِيمَةِ الْبَهِيمَةُ الْمُحْتَرَمَةُ كَالشَّاةِ وَالْحِمَارَةِ وَالسِّنَّوْرِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ احْتِرَازًا من الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ أو خَشْيَتِهِ على نَفْسِهِ أو مَالِهِ في طَلَبِهِ. لو خَافَتْ امْرَأَةٌ على نَفْسِهَا فُسَّاقًا في طَرِيقِهَا وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ بَلْ يَحْرُمُ عليها الْخُرُوجُ إلَيْهِ وَتَتَيَمَّمُ وَتُصَلِّي وَلَا تُعِيدُ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أنها تَتَيَمَّمُ وَلَا تُعِيدُ وَجْهًا وَاحِدًا قال ابن أبي مُوسَى تَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عليها في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ تُعِيدُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الزَّرْكَشِيُّ أَبْعَدَ من قَالَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ لَا أَدْرِي.
تنبيهات: أَحَدُهَا قَوْلُهُ أو خَشْيَةً على نَفْسِهِ أو مَالِهِ في طَلَبِهِ. لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَوْفُهُ مُحَقَّقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَوْ كان خَوْفُهُ جُبْنًا لَا عن سَبَبٍ يُخَافُ من مِثْلِهِ لم تُجْزِهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبَاحَ له التَّيَمُّمُ وَيُعِيدَ إذَا كان مِمَّنْ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ. الثَّانِي لو كان خَوْفُهُ لِسَبَبٍ ظَنَّهُ فَتَبَيَّنَ عَدَمُ السَّبَبِ مِثْلُ من رَأَى سَوَادًا بِاللَّيْلِ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ليس بِعَدُوٍّ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن عُبَيْدَانَ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحُ. أَحَدُهُمَا لَا يُعِيدُ وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ لَا يُعِيدُ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ في الْأَسْفَارِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهَا نَادِرَةٌ في نَصِّهَا وَهِيَ كَذَلِكَ أَنْدَرُ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالثَّانِي يُعِيدُ. الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ الْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إنْ احْتَاجَ الْمَاءُ لِلْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَنَحْوِهَا تَيَمَّمَ وَتَرَكَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْخَوْفَ على نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى الْأَمْنِ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ في غَازٍ بِقُرْبِهِ الْمَاءُ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ على نَفْسِهِ لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِهِ. يَعْنِي يُبَاحُ له التَّيَمُّمُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ إنْ كان ذَا مَالٍ كَثِيرٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ زِيَادَةً لَزِمَهُ الشِّرَاءُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ الزِّيَادَةَ لو كانت يَسِيرَةً يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ وهو صَحِيحٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في النِّهَايَةِ وهو الصَّحِيحُ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَلْزَمُهُ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَكَرَهُمَا أبو الْحُسَيْنِ فَمَنْ بَعْدَهُ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَهُمَا احْتِمَالٌ وَأَطْلَقَهُمَا وَجْهَيْنِ في الْمُغْنِي وقال أَحْمَدُ تُوقَفُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا ثَمَنُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ في شِرَاءِ الْمُسَافِرِ له في تِلْكَ الْبُقْعَةِ أو مِثْلُهَا غَالِبًا على الصَّحِيحِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِأُجْرَةِ النَّقْلِ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في التَّلْخِيصِ. الثَّانِيَةُ لو لم يَكُنْ معه الثَّمَنُ وهو يَقْدِرُ عليه في بَلَدِهِ وَوَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ لم يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وأبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ قَالَهُ الشَّارِحُ في بَابِ الظِّهَارِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أو بِثَمَنٍ مِثْلِهِ وَلَوْ في ذِمَّتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ.
تنبيه: قَوْلُهُ: أو تَعَذُّرِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ قال في الْمَطْلَعِ تَقْدِيرُهُ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْعَجْزِ عن اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِكَذَا وَكَذَا أو لِتَعَذُّرِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ قال في الْمُقْنِعِ تَقْدِيرُهُ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْعَجْزِ عن اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِكَذَا أو كَذَا لِتَعَذُّرِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى من مُثْبَتٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ من الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّ تَعَذُّرَهُ في كل صُورَةٍ مُبِيحٌ لِلتَّيَمُّمِ إلَّا في صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ حُصُولُهُ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنٍ مِثْلِهِ وَحُصُولُهُ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ مُبِيحٌ أَيْضًا لِلتَّيَمُّمِ وَصُورَةُ الِاسْتِثْنَاءِ مُوَافِقَةٌ لِلْمُسْتَثْنَى منه في الْحُكْمِ. قال في الْجَوَابِ عن هذا الْإِشْكَالُ في اللَّفْظِ وَتَصْحِيحُهُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى من منفى مَعْنًى فإن قَوْلَهُ أو تَعَذُّرِهِ في مَعْنَى قَوْلِهِ وَبِكَوْنِهِ لَا يَحْصُلُ الْمَاءُ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فَيَصِيرُ الِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغًا لِأَنَّ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ مُتَعَلِّقٌ ما لم يَحْصُلْ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُفَرَّغُ ما قبل إلَّا وما بَعْدَهُ فيه كَلَامٌ وَاحِدٌ فَيَصِيرُ مَعْنَى هذا الْكَلَامِ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ بِأَشْيَاءَ منها حُصُولُ الْمَاءِ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِهِ أو ثَمَنٍ يُعْجَزُ عن أَدَائِهِ. ثُمَّ قال وَإِنَّمَا تَكَلَّمْت على إعْرَابِ هذا لِأَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا ذَكَرَ أَنَّ هذه الْعِبَارَةَ فَاسِدَةٌ انْتَهَى. قُلْت وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عن ذلك بِمَا هو أَوْضَحُ مِمَّا قال بِأَنْ يُقَالَ اسْتِثْنَاءُ الْمُصَنِّفِ من الْمَفْهُومِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَإِنْ لم يَتَعَذَّرْ وَلَكِنْ وُجِدَ وما يُبَاعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ أو بِثَمَنٍ يَعْجِزُ عن أَدَائِهِ وهو كَثِيرٌ في كَلَامِهِمْ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ قَرْضًا وَكَذَا ثَمَنُهُ وله [ولي] ما يُوفِيهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْفُرُوعِ وهو الْمُرَادُ. وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ هِبَةً مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن الزَّاغُونِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ إذَا كان عَزِيزًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن حَامِدٍ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ ثَمَنِ الْمَاءِ هِبَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ ثَمَنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ. الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ حُكْمُ الْمَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ من الْأَحْكَامِ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُمَا عَارِيَّةً. قَوْلُهُ فَإِنْ كان بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحًا تَيَمَّمَ له وَغَسَلَ الْبَاقِي. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ لِلْجُرْحِ إنْ لم يُمْكِنْ مَسْحُ الْجُرْحِ بِالْمَاءِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَمْسَحُ الْجُرْحَ بِالتُّرَابِ أَيْضًا قَالَهُ الْقَاضِي في مُقْنِعِهِ قال ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَمْسَحُ الْجُرْحَ وَفِيهِ نَظَرٌ وقال ابن حَامِدٍ وَلَوْ سَافَرَ لِمَعْصِيَةٍ فَأَصَابَهُ جُرْحٌ وَخَافَ التَّلَفَ بِغُسْلِهِ لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ وَحْدَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وقال هو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ يُجْزِيهِ الْمَسْحُ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو كان بِهِ جُرْحٌ وَيَخَافُ من غَسْلِهِ فَمَسْحُهُ بِالْمَاءِ أَوْلَى من مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وهو خَيْرٌ من التَّيَمُّمِ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَاخْتَارَهُ هو وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا مع الْمَسْحِ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ في التَّلْخِيصِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ إذَا كان الْجُرْحُ طَاهِرًا أَمَّا إنْ كان نَجِسًا فَلَا يَمْسَحُ عليه قَوْلًا وَاحِدًا وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نَقْلِ ابن هَانِئٍ مَسْحُ الْبَشَرَةِ لِعُذْرٍ كَجَرِيحٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وهو أَوْلَى.
فوائد: منها لو كان على الْجُرْحِ عِصَابَةٌ أو لُصُوقٌ او جَبِيرَةٌ كَجَبِيرَةِ الْكَسْرِ أَجْزَأَ الْمَسْحُ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ وَيَتَيَمَّمُ معه وَتَقَدَّمَ ذلك في حُكْمِ الْجَبِيرَةِ في آخِرِ بَابِ الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ. وَمِنْهَا لو كان الْجُرْحُ في بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَزِمَهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عُبَيْدَانَ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قال الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا الْجَرِيحُ الْمُتَوَضِّئُ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَى ما بَعْدَهُ حتى يَتَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ وَأَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مع التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ وقال في التَّلْخِيصِ هذا الْمَشْهُورُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُرَتِّبُهُ غَيْرُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ وَيُوَالِيهِ على الْمَذْهَبِ فِيهِمَا إنْ جَرَحَ في أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الْأَصَحُّ قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ هذا التَّرْتِيبُ وَعَلَّلَهُ وَمَالَ إلَيْهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرَتَّبَ وقال أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وهو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وقال الْفَصْلُ بين أنها في أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ وَوَجْهٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْعَلُ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ في مَكَانِ الْعُضْوِ الذي يَتَيَمَّمُ بَدَلًا عنه فَلَوْ كان الْجُرْحُ في وَجْهِهِ لَزِمَهُ التَّيَمُّمُ ثُمَّ يَغْسِلُ صَحِيحَ وَجْهِهِ ثُمَّ يُكْمِلُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كان الْجُرْحُ في عُضْوٍ آخَرَ لَزِمَهُ غَسْلُ ما قَبْلَهُ ثُمَّ كان الْحُكْمُ فيه على ما ذَكَرْنَا في الْوَجْهِ وَإِنْ كان في وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ احْتَاجَ في كل عُضْوٍ إلَى تَيَمُّمٍ في مَحَلِّ غَسْلِهِ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مع التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مع وُضُوئِهِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَأَمَّا إنْ كان الْجُنُبُ جَرِيحًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ قبل غَسْلِ الصَّحِيحِ وَإِنْ شَاءَ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي إنْ كان جُنُبًا. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ قال الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ لَا خِلَافَ فيه في الْمَذْهَبِ قال في التَّلْخِيصِ يَلْزَمُهُ في الْجَنَابَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ حَكَاهَا ابن الزَّاغُونِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ.
تنبيه: في قَوْلِهِ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلْبَاقِي إشْعَارٌ أَنَّ تَيَمُّمَهُ يَكُونُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ فَإِنْ تَيَمَّمَ قبل اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ في الْجَنَابَةِ جَازَ وقال هو وَغَيْره يَسْتَعْمِلُهُ في أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وابن عُبَيْدَانَ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَى الْجُمْهُورُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ كَالْمُصَنَّفِ وفي النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابن رَزِينِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.
تنبيه: قال بَعْضُهُمْ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُوَالَاةِ نَقَلَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال الْمَجْدُ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ قُلْنَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فَهُوَ كَالْجُنُبِ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَرَدُّوا الْأَوَّلَ بِأُصُولٍ كَثِيرَةٍ. وَقِيلَ هذا يَنْبَنِي على جَوَازِ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ على أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ. وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ من مَسَحَ على الْخُفِّ ثُمَّ خَلَعَهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ لو وَجَدَ الْمَاءَ في هذه الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لم يَلْزَمْهُ إلَّا غَسْلُ بَاقِي الْأَعْضَاءِ.
فوائد: إحداها إذَا قُلْنَا لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إرَاقَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قُلْت فَيُعَايَى بها وَسَوَاءٌ كان في الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أو الْأَصْغَرِ وَحَكَى ابن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ في إرَاقَتِهِ قبل تَيَمُّمِهِ رِوَايَتَيْنِ. الثَّانِيَةُ لو كان على بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وهو مُحْدِثٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا غَسَلَ النَّجَاسَةَ وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ نَصَّ عليه قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال الْمَجْدُ إلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ في مَحَلٍّ يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ من الْحَدَثِ فَيَسْتَعْمِلُهُ فيه عنهما وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ تَحْقِيقًا لِشُرُوطِهِ وَلَوْ كانت النَّجَاسَةُ في ثَوْبِهِ فَكَذَلِكَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ الْبَابِ. الثَّالِثَةُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ لو وَجَدَ تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ لِلتَّيَمُّمِ فَقُلْت يَسْتَعْمِلُهُ من لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يُعِيدُ الصَّلَاةَ إنْ وَجَدَ ما يَكْفِيهِ من مَاءٍ أو تُرَابٍ وَإِنْ تَيَمَّمَ في وَجْهِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً طَهُورًا يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ. قُلْت إنْ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. قَوْلُهُ وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ طَلَبُهُ في رَحْلِهِ وما قَرُبَ منه هذا الْمَذْهَبُ بِشُرُوطِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وأبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ قاله ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في لُزُومِ الطَّلَبِ إذَا احْتَمَلَ وُجُودَ الْمَاءِ وَعَدَمَهُ أَمَّا إنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ الْمَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم ابن تَمِيمٍ وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ إمَّا في رَحْلِهِ أو رَأَى خَضِرَةً وَنَحْوَهَا وَجَبَ الطَّلَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً قاله ابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ إجْمَاعًا وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ وُجُودِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَالْحَالَةُ هذه ذَكَرَهَا في التَّبْصِرَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو لُزُومُ الطَّلَبِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ لو رَأَى ما يَشُكُّ معه في الْمَاءِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ كما لو كان في صَلَاةٍ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ من رَفِيقِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إنْ دَلَّ عليه اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. الثَّانِيَةُ وَقْتُ الطَّلَبِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا أَثَرَ لِطَلَبِهِ قبل ذلك وَيَلْزَمُهُ الطَّلَبُ لِوَقْتِ كل صَلَاةٍ بِشَرْطِهِ.
فائدة: قَوْلُهُ لَزِمَهُ طَلَبُهُ في رَحْلِهِ وما قَرُبَ منه صِفَةُ الطَّلَبِ أَنْ يُفَتِّشَ في رَحْلِهِ ما يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فيه وَيَسْأَلَ رُفْقَتَهُ عن مَوَارِدِ مَاءٍ أو عن مَاءٍ مَعَهُمْ لِيَبِيعُوهُ له أو يَبْذُلُوهُ كما تَقَدَّمَ. وَمِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَسْعَى عن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَأَمَامَهُ وَوَرَاءَهُ إلَى ما قَرُبَ منه مِمَّا عَادَةُ الْقَوَافِلِ السَّعْيُ إلَيْهِ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى وَإِنْ رَأَى خَضِرَةً أو شيئا يَدُلُّ على الْمَاءِ قَصَدَهُ فَاسْتَبْرَأَهُ وَإِنْ رَأَى نَشْزًا أو حَائِطًا قَصَدَهُ وَاسْتَبَانَ ما عِنْدَهُ فَإِنْ لم يَجِدْ فَهُوَ عَادِمٌ له وَإِنْ كان سَائِرًا طَلَبُهُ أَمَامَهُ قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ ظَنَّهُ فَوْقَ جَبَلٍ بِقُرْبِهِ عَلَاهُ وَإِنْ ظَنَّهُ وَرَاءَهُ فَوَجْهَانِ مع أَمْنِهِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ فَإِنْ دَلَّ عليه قَرِيبًا لَزِمَهُ قَصْدُهُ. يَعْنِي إذَا دَلَّهُ ثِقَةٌ وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لو خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لم يَلْزَمْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ.
فائدة: الْقَرِيبُ ما عُدَّ قَرِيبًا عُرْفًا على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَتَذْكِرَةِ ابن رَزِينٍ وَقِيلَ مِيلٌ وَقِيلَ فَرْسَخٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ ما تَتَرَدَّدُ الْقَوَافِلُ إلَيْهِ في الْمَرْعَى وَنَحْوِهِ قال الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو أَظْهَرُ وَفَسَّرُوهُ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ ما يَلْحَقُهُ الْفَوْتُ ذَكَرَ الْأَخِيرِينَ في التَّلْخِيصِ وَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ مَدُّ بَصَرِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ إذَا كان بَعِيدًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ إنْ لم يَخَفْ فَوَاتَ الْوَقْتِ قال في التَّلْخِيصِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا من اعْتَبَرَ اشْتِرَاطَ الْقُرْبِ قال وَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عِنْدِي على الْقُرْبِ وَقِيلَ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ.
فوائد: إحداها لو خَرَجَ من بَلَدِهِ إلَى أَرْضٍ من أَعْمَالِهِ لِحَاجَةٍ كَالْحِرَاثَةِ وَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالصَّيْدِ وَنَحْوِ ذلك حَمْلُ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَحْمِلُهُ فَعَلَى الْمَنْصُوصِ يَتَيَمَّمُ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ بِرُجُوعِهِ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له التَّيَمُّمُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُعِيدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ يُعِيدُ لِأَنَّهُ كَالْمُقِيمِ وَمَحَلُّ هذا إذَا أَمْكَنَهُ حَمْلُهُ أَمَّا إذَا لم يُمْكِنْهُ حَمْلُهُ وَلَا الرُّجُوعُ لِلْوُضُوءِ إلَّا بِتَفْوِيتِ حَاجَتِهِ فَلَهُ التَّيَمُّمُ وَلَا إعَادَةَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى وَلَوْ كانت حَاجَتُهُ في أَرْضِ قَرْيَةٍ أُخْرَى فَلَا إعَادَةَ عليه وَلَوْ كانت قَرِيبَةً قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ لو مَرَّ بِمَاءٍ قبل الْوَقْتِ أو كان معه فَأَرَاقَهُ ثُمَّ دخل الْوَقْتُ وَعَدِمَ الْمَاءَ صلى بِالتَّيَمُّمِ وَلَا إعَادَةَ عليه وَإِنْ مَرَّ بِهِ في الْوَقْتِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أو كان معه فَأَرَاقَهُ في الْوَقْتِ أو بَاعَهُ في الْوَقْتِ أو وَهَبَهُ فيه حرم عليه ذلك بِلَا نِزَاعٍ ولم يَصِحَّ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وابن الْجَوْزِيِّ وأبو الْمَعَالِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الْفُرُوعِ أَشْهَرُهَا لَا يَصِحُّ قال ابن تَمِيمٍ لم يَصِحَّ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ فَهُوَ عَاجِزٌ عن تَسْلِيمِهِ شَرْعًا. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِبَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَيَأْتِي إذَا آثَرَ أَبَوَيْهِ بِالْمَاءِ آخِرَ الْبَابِ. الثَّالِثَةُ لو تَيَمَّمَ وَصَلَّى بَعْدَ إعْدَامِ الْمَاءِ في مَسْأَلَةِ الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أو وُهِبَ له مَاءٌ فلم يَقْبَلْهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بعد ما تَلِفَ فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وابن رَزِينٍ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ في الْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. جَزَمَ في الْإِفَادَاتِ بِالْإِعَادَةِ في الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْمُرُورِ بِهِ وَالْإِرَاقَةِ وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في الْمُرُورِ بِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ تَيَمَّمَ مع بَقَاءِ الْمَاءِ لم يَصِحَّ وَإِنْ كان بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فَهُوَ كَالْإِرَاقَةِ وَنَصَّ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ على عَدَمِ الْإِعَادَةِ في الْكُلِّ وَقِيلَ يُعِيدُ إنْ أَرَاقَهُ وَلَا يُعِيدُ إنْ مَرَّ بِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ الْمَاءَ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَيَمَّمَ لم يُجْزِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَالْأَثْرَمِ وَمُهَنَّا وَصَالِحٍ وابن الْقَاسِمِ كما لو نَسِيَ الرَّقَبَةَ فَكَفَّرَ بِالصِّيَامِ وَعَنْهُ يجزى [يجزئ] ذَكَرَهَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ وَالْمُجَرَّدِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْآمِدِيُّ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ حَكَاهَا ابن تَمِيمٍ.
فائدة: الْجَاهِلُ بِهِ كَالنَّاسِي.
تنبيه: مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْمَاءُ بِمَوْضِعٍ يَظْهَرُ بِهِ تَفْرِيطُهُ وَتَقْصِيرُهُ في طَلَبِهِ بِأَنْ يَجِدَهُ في رَحْلِهِ وهو في يَدِهِ أو بِبِئْرٍ بِقُرْبِهِ أَعْلَامُهَا ظَاهِرَةٌ فَأَمَّا إنْ ضَلَّ عن رَحْلِهِ وَفِيهِ الْمَاءُ وقد طَلَبَهُ أو كانت الْبِئْرُ أَعْلَامُهَا خَفِيَّةٌ ولم يَكُنْ يَعْرِفُهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ وَلَا إعَادَةَ عليه لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ يُعِيدُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْبِئْرِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ فِيمَا إذَا ضَلَّ عن رَحْلِهِ. وَأَمَّا إذَا أُدْرِجَ الْمَاءُ في رَحْلِهِ ولم يَعْلَمْ بِهِ أو ضَلَّ مَوْضِعُ الْبِئْرِ التي كان يَعْرِفُهَا فَقِيلَ لَا يُعِيدُ اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فقال الصَّحِيحُ الذي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عليه لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ في هذه الْحَالَةِ مُفَرِّطًا وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقِيلَ يُعِيدُ وَاخْتَارَهُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في الْأُولَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فيها وَقَدَّمَ ابن رَزِينٍ في الثَّانِيَةِ أَنَّهُ كَالنَّاسِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الثَّانِيَةِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الرِّعَايَةِ. وَأَمَّا إذَا كان الْمَاءُ مع عَبْدِهِ ولم يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ وَنَسِيَ الْعَبْدُ أَنْ يُعْلِمَهُ حتى صلى بِالتَّيَمُّمِ فَقِيلَ لَا يُعِيدُ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ من غَيْرِهِ وَقِيلَ هو كَنِسْيَانِهِ قال في الْفَائِقِ يُعِيدُ إذَا جَهِلَ الْمَاءَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَةِ على جُرْحٍ تَضُرُّهُ إزَالَتُهَا. يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ بِلَا نِزَاعٍ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلنَّجَاسَةِ على جُرْحٍ تَضُرُّهُ إزَالَتُهَا وَلِعَدَمِ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لها قال في الْفَائِقِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِنَجَاسَةِ الْبَدَنِ مُطْلَقًا وَنَصَرَهُ شَيْخُنَا وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى وقال ابن أبي مُوسَى لَا يُشْرَعُ التَّيَمُّمُ لِنَجَاسَةِ الْبَدَنِ لِعَدَمِ الْمَاءِ قال ابن تَمِيمٍ قال بَعْضُهُمْ لَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةٍ أَصْلًا بَلْ يُصَلِّي على حَسَبِ حَالِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَصَلَّى فَلَا إعَادَةَ عليه إلَّا عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ. يَعْنِي إذَا كانت على بَدَنِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ من تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ على بَدَنِهِ إعَادَةٌ لِعَدَمِ الْمَاءِ سَوَاءٌ كانت على جُرْحٍ أو غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الشَّارِحُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قال ابن عُبَيْدَانَ وهو الصَّحِيحُ وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في النَّظْمِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُعِيدُ على الْأَظْهَرِ قال ابن تَمِيمٍ لَا إعَادَةَ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا كان على جُرْحِهِ نَجَاسَةٌ تَضُرُّهُ إزَالَتُهَا وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ عليه الْإِعَادَةُ يَعْنِي إذَا تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَذَكَرَ في الْكَافِي قَوْلَ أبي الْخَطَّابِ ثُمَّ قال وَقِيلَ في الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ يُعِيدُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَنْهُ يُعِيدُ في الْحَضَرِ وَأَطْلَقَ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا وَعَدَمَهَا مُطْلَقًا في الْفَائِقِ.
تنبيه: قال في الْمُحَرَّرِ وإذا لم يَجِدْ من بِبَدَنِهِ نَجَاسَةُ مَاءٍ تَيَمَّمَ لها فَإِنْ عَدِمَ التُّرَابَ صلى وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ فَإِنْ قُلْنَا يُعِيدُ فَهَلْ يُعِيدُ إذَا تَيَمَّمَ لها على وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ قال الْمَجْدُ نَصَّ عليه وَشَهَرَهُ النَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَبِاِتِّخَاذِ عَدَمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ. قال ابن تَمِيمٍ الْخِلَافُ في الْإِعَادَةِ هُنَا فَرْعٌ على الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذَا صلى بِنَجَاسَةٍ لَا يَقْدِرُ على إزَالَتِهَا من غَيْرِ تَيَمُّمٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وقال بَعْضُهُمْ لَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةٍ أَصْلًا بَلْ يُصَلِّي على حَسَبِ حَالِهِ وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ وقال ابن عُبَيْدَانَ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ في الْإِعَادَةِ إذَا تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَصَلَّى هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَرْعٌ على رِوَايَةِ إيجَابِ الْإِعَادَةِ على من صلى بِالنَّجَاسَةِ عَاجِزًا عن إزَالَتِهَا وَعَنْ التَّيَمُّمِ لها فَأَمَّا إذَا قُلْنَا لَا إعَادَةَ هُنَاكَ فَلَا إعَادَةَ مع التَّيَمُّمِ وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَةِ على جُرْحٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلنَّجَاسَةِ على ثَوْبِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن عَقِيلٍ مَتَى قُلْنَا يُجْزِئُ ذلك أَسْفَلَ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ من النَّجَاسَةِ بِالْأَرْضِ فَقَدْ دخل الْجَامِدُ في غَيْرِ الْبَدَنِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ ذلك وهو بَعِيدٌ قال ابن عُبَيْدَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ قَوْلَ ابن عَقِيلٍ قال في الْفُرُوعِ وَحَكَى قَوْلَهُ انْتَهَى. وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَتَيَمَّمُ له قَوْلًا وَاحِدًا وَيَأْتِي إذَا كان مُحْدِثًا وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ هل يُجْزِئُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ أَمْ لَا وَهَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ لِلتَّيَمُّمِ لِلنَّجَاسَةِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِمَا تَيَمَّمَ له من حَدَثٍ أو غَيْرِهِ.
فائدة: يَلْزَمُهُ قبل التَّيَمُّمِ أَنْ يُخَفِّفَ من النَّجَاسَةِ ما أَمْكَنَهُ بِمَسْحِهِ أو حَتَّهُ بِالتُّرَابِ أو غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ يَمْسَحُهَا بِالتُّرَابِ حتى لَا يَبْقَى لها أَثَرٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ يَتَيَمَّمْ في الْحَضَرِ خَوْفًا من الْبَرْدِ وَصَلَّى فَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ على ما تَقَدَّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. إحْدَاهُمَا لَا إعَادَةَ عليه وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وابن رَزِينٍ قال في النَّظْمِ هذا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لم يُعِدْ على الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالثَّانِيَةُ عليه الْإِعَادَةُ كَالْقُدْرَةِ على تَسْخِينِهِ قال في الْحَاوِيَيْنِ أَعَادَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو تَيَمَّمَ خَوْفًا من الْبَرْدِ في السَّفَرِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عليه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ عليه الْإِعَادَةُ وَأَطْلَقَهُ ابن تَمِيمٍ.
تنبيه: حَيْثُ قُلْنَا يُعِيدُ هُنَا فَهَلْ الْأُولَى فَرْضُهُ أو الثَّانِيَةُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا الْأُولَى فَرْضُهُ وَالثَّانِي الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ. قُلْت هذا الْأُولَى وَإِلَّا لَمَّا كان في الْإِعَادَةِ كَبِيرُ فائدة ثُمَّ وَجَدْته جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَنَقَلَهُ عن الْقَاضِي وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَقُلْنَا يُعِيدُ هل الْأُولَى أو الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ. قَوْلُهُ وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ صلى على حَسَبِ حَالِهِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عليه وَالْحَالَةُ هذه فَيَفْعَلُهَا وُجُوبًا في هذه الْحَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ وَعَنْهُ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ فَيَقْضِيهَا فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَزِيدُ على ما يُجْزِئُ في الصَّلَاةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَتَوَجَّهُ لو فَعَلَ مَاشِيًا لِأَنَّهُ لَا تُجْزِيهِ مع الْعَجْزِ وَلِأَنَّ له أَنْ يَزِيدَ على ما يجزى [يجزئ] في ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ قال في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ له فِعْلُ ذلك على أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ثُمَّ قال وقد جَزَمَ جَدُّهُ وَجَمَاعَةٌ بِخِلَافِهِ. قُلْت قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يَقْرَأُ الْجُنُبُ فيها ما يُجْزِئُ فَقَطْ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا وَلَا يَتَنَفَّلُ ثُمَّ قال قُلْت وَلَا يَزِيدُ على ما يُجْزِئُ في طُمَأْنِينَةِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَشَهُّدٍ وَنَحْوِ ذلك وَقِيلَ وَلَا يَقْرَأُ جُنُبٌ في غَيْرِ صَلَاةِ فَرْضٍ شيئا مع عَدَمِهِمَا انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ وَلَا يَقْرَأُ في غَيْرِ صَلَاةٍ إنْ كان جُنُبًا. قَوْلُهُ وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَا يُعِيدُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالْمَجْدِ وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ قال النَّاظِمُ هذا الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ونصره [ونص] ابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُعِيدُ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَعَادَ على الْأَقْيَسِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَعَادَ في رِوَايَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ لو وَجَدَ تُرَابًا تَيَمَّمَ وَأَعَادَ على الصَّحِيحِ نَصَّ عليه زَادَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ بِوِجْدَانِ التُّرَابِ فَعَلَى الْمَنْصُوصِ إنْ قَدَرَ فيها عليه خَرَجَ وَإِنْ لم يَقْدِرْ فَهُوَ كَمُتَيَمِّمٍ يَجِدُ الْمَاءَ على ما يَأْتِي.
فوائد: منها على الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو الْمَعَالِي وَقِيلَ الْأُولَى فَرْضُهُ وَقِيلَ هُمَا فَرْضُهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَقِيلَ إحْدَاهُمَا فَرْضُهُ لَا بِعَيْنِهَا. وَمِنْهَا لو أَحْدَثَ من لم يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا بِنَوْمٍ أو غَيْرِهِ في الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال ابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاقْتَصَرَ عليه وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ وَجَدَ المصلى الْمَاءَ أو التُّرَابَ وَقُلْنَا تُعَادُ مع دَوَامِ الْعَجْزِ خَرَجَ منها وَإِلَّا أَتَمَّهَا إنْ شَاءَ. وقال أَيْضًا وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وهو فيها فيه رِوَايَتَانِ. قُلْت الْأُولَى عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وهو فيها. قال في الْفَائِقِ وَمَنْ صلى على حَسَبِ حَالِهِ اخْتَصَّ مُبْطِلُهَا بِحَالَةِ الصَّلَاةِ وقال في الْفُرُوعِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ على الْمَيِّتِ إذَا لم يُغَسَّلْ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِغُسْلِهِ مُطْلَقًا. وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عليه بِهِ وَالْأَصَحُّ وَبِالتَّيَمُّمِ وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِأَحَدِهِمَا مع أَمْنِ تَفَسُّخِهِ. وَمِنْهَا لو كان بِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ بِوُضُوءٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ عنه ويصلى على حَسَبِ حَالِهِ وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ في الْإِعَادَةِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ ذَكَرَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ فَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ له غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يَجُوزُ بِالسَّبْخَةِ أَيْضًا وَعَنْهُ بِالرَّمْلِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَيَّدَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ بِالرَّمْلِ وَالسَّبْخَةِ بِأَنْ يَكُونَ لهما [له] غُبَارٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وقال صَاحِبُ النِّهَايَةِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالرَّمْلِ مُطْلَقًا نَقَلَهَا عنه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِمَا عِنْدَ الْعَدَمِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ أَيْضًا بِالنُّورَةِ وَالْجَصِّ نَقَلَهَا ابن عَقِيلٍ وَقِيلَ يَجُوزُ بِمَا تَصَاعَدَ على الْأَرْضِ لَا بِعَدَمٍ على الْأَصَحِّ قال ابن أبي مُوسَى يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَدَمِ التُّرَابِ بِكُلِّ طَاهِرٍ تَصَاعَدَ على وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلُ الرَّمْلِ وَالسَّبْخَةِ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وما في مَعْنَى ذلك وَيُصَلِّي وَهَلْ يُعِيدُ على رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ التَّيَمُّمِ بِغَيْرِ التُّرَابِ من أَجْزَاءِ الْأَرْضِ إذَا لم يَجِدْ تُرَابًا وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ.
تنبيه: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ التُّرَابُ الطَّهُورُ وَمُرَادُهُ غَيْرُ التُّرَابِ الْمُحْتَرِقِ فَإِنْ كان مُحْتَرِقًا لم يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجُوزُ.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ بِتُرَابٍ لو ضَرَبَ على يَدٍ أو على ثَوْبٍ أو بِسَاطٍ أو حَصِيرٍ أو حَائِطٍ أو صَخْرَةٍ أو حَيَوَانٍ أو بَرْذَعَةِ حِمَارٍ أو شَجَرٍ أو خَشَبٍ. أو عِدْلٍ أو شَعْرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا عليه غُبَارٌ طَهُورٌ يَعْلَقُ بيده وهو صَحِيحٌ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
فوائد: منها أَعْجَبَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ حَمْلُ التُّرَابِ لِأَجْلِ التَّيَمُّمِ وعند [وعنه] الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ لَا يَحْمِلُهُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ إذْ لم يُنْقَلْ عن الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ من السَّلَفِ فِعْلُ ذلك مع كَثْرَةِ أَسْفَارِهِمْ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالطِّينِ قال الْقَاضِي بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى لَكِنْ إنْ إمكنه تَجْفِيفُهُ وَالتَّيَمُّمُ بِهِ قبل خُرُوجِ الْوَقْتِ لَزِمَهُ ذلك وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ خَرَجَ الْوَقْتُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي. وَمِنْهَا لو وَجَدَ ثَلْجًا ولم يُمْكِنْ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَائِهِ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ قال الْقَاضِي مَسْحُ الْأَعْضَاءِ بِالثَّلْجِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كان يَجْرِي إذَا مَسَّ يَدَهُ وَجَبَ وَلَا إعَادَةَ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَتَيَمَّمُ بِالثَّلْجِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ قَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ. وَالثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ. وَمِنْهَا لو نَحَتَ الْحِجَارَةَ كَالْمِكْدَنِ وَالْمَرْمَرِ وَنَحْوِهِمَا حتى صَارَ تُرَابًا لم يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِنْ دَقَّ الطِّينَ الصُّلْبَ كَالْأَرْمَنِيِّ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّهُ تُرَابٌ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَصِحُّ في الْأَشْهَرِ بِتُرَابِ طِينٍ يَابِسٍ خُرَاسَانِيٍّ أو أَرْمَنِيٍّ وَنَحْوِهِمَا وَقِيلَ مَأْكُولٍ قبل طَبْخِهِ وَقِيلَ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَطَهُ ذُو غُبَارٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالْجِصِّ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَالْمَاءِ إذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في النِّهَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وهو أَقْيَسُ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُذْهَبُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَلَوْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ.
فائدة: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ من تُرَابِ مَقْبَرَةٍ تَكَرَّرَ نَبْشُهَا فَإِنْ لم يَتَكَرَّرْ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَجُوزُ وَلَوْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا.
تنبيه: قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْمَاءِ اعْلَمْ أَنَّ التُّرَابَ كَالْمَاءِ في مَسَائِلَ. منها ما تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتُرَابِ مَسْجِدٍ ثُمَّ قال وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. وقال في بَابِ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ في فَصْلٍ ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وفي الْفُصُولِ إنْ رَمَى بحصي الْمَسْعَى كُرِهَ وَأَجْزَأَ لِأَنَّ الشَّرْعَ نهى عن إخْرَاجِ تُرَابِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ لو لم يَصِحَّ أَجْزَأَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ من مَنْعِهِ الْمَنْعُ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ قد تُيُمِّمَ بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ وَهَذَا الصَّحِيحُ في الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً كما لو لم يَتَيَمَّمْ منه على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيه.
فائدة: لَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ مع أَنَّهُ مَسْجِدٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ. تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَفَرَائِضُهُ أَرْبَعَةٌ مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ ما تَحْتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قال في الْمُذْهَبِ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ جَمِيعُ ما يَجِبُ غَسْلُهُ من الْوَجْهِ ما خَلَا الْأَنْفَ وَالْفَمَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ مَسْحُ ذلك وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَمْسَحُ ما أَمْكَنَ مَسْحُهُ من ظَاهِرِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ قِيلَ وما نَزَلَ عن ذَقَنِهِ. وَالثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ سِوَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَطْعًا بَلْ يُكْرَهُ. قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ هُنَا حُكْمُهُمَا في الْوُضُوءِ على ما تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ هُمَا هُنَا سُنَّةٌ وَإِنْ قُلْنَا هُمَا في الْوُضُوءِ فَرْضَانِ وَقِيلَ التَّرْتِيبُ هُنَا سُنَّةٌ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ ذَكَرَ التَّرْتِيبَ في الْوُضُوءِ ولم يَذْكُرْهُ هُنَا قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّ التَّرْتِيبَ لَا يَجِبُ في التَّيَمُّمِ وَإِنْ وَجَبَ في الْوُضُوءِ لِأَنَّ بُطُونَ الْأَصَابِعِ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بَعْدَ الْوَجْهِ في التَّيَمُّمِ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ يُعْتَدُّ بِمَسْحِهَا معه وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ قال ابن تَمِيمٍ وهو أَوْلَى قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ إنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ وَجَبَ التَّرْتِيبُ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَةٍ لم يَجِبْ. قال ابن عَقِيلٍ رَأَيْت التَّيَمُّمَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قد أَسْقَطَ تَرْتِيبًا مُسْتَحَقًّا في الْوُضُوءِ وهو أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِمَسْحِ بَاطِنِ يَدَيْهِ قبل مَسْحِ وَجْهِهِ.
فائدة: قَدْرُ الْمُوَالَاةِ هُنَا بِقَدْرِهَا زَمَنًا في الْوُضُوءِ عُرْفًا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ في غَيْرِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَأَمَّا الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ فَلَا يَجِبَانِ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَجِبَانِ فيه أَيْضًا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهُ أبو الْحُسَيْنِ وَأَبْطَلَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فيه فَقَطْ قال ابن تَمِيمٍ هذا الْقَوْلُ أَوْلَى.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ من فَرَائِضِ التَّيَمُّمِ وهو مَاشٍ على ما اخْتَارَهُ في أنها لَا تَجِبُ في الْوُضُوءِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ في التَّيَمُّمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ التَّسْوِيَةِ هُنَا حُكْمُهَا على الْوُضُوءِ على ما تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ أنها سُنَّةٌ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا في الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ مع تَقْدِيمِهِ في الْوُضُوءِ أنها فَرْضٌ.
فوائد: الْأُولَى لو يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما لو وَضَّأَهُ غَيْرُهُ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْوُضُوءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ لَا يَصِحُّ هُنَا لِعَدَمِ قَصْدِهِ. الثَّانِيَةُ لو نَوَى وَصَمَدَ وَجْهَهُ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ جَمِيعَ وَجْهِهِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقِيلَ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمَجْدِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُذْهَبِ وَقِيلَ إنْ مَسَحَ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّارِحُ. قُلْت وَهَذَا الصَّحِيحُ قِيَاسًا على مَسْحِ الرَّأْسِ وَصَحَّحَ في الْمُغْنِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا لم يَمْسَحْ وَمَعَ الْمَسْحِ حَكَى احْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ. الثَّالِثَةُ لو سَفَتْ الرِّيحُ غُبَارًا فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عليه لم يَصِحَّ وَإِنْ فَصَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أو مَسَحَ بِغَيْرِ ما عليه صَحَّ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ نَقَلَهُ من الْيَدِ إلَى الْوَجْهِ أو عَكْسُهُ بِنِيَّةٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَيَأْتِي إذَا تَيَمَّمَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أو بَعْضِ يَدٍ أو بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالسُّنَّةُ في التَّيَمُّمِ أَنْ يَنْوِيَ. قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِمَا يَتَيَمَّمُ له من حَدَثٍ أو غَيْرِهِ فَشَمِلَ التَّيَمُّمَ لِلنَّجَاسَةِ فَتَجِبُ النِّيَّةُ لها على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وفي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في مَوْضِعٍ وَهَذَا احْتِمَالُ الْقَاضِي وَقِيلَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ لها كَبَدَلِهِ وهو الْغُسْلُ بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْحَدَثِ وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ في الْفُرُوعِ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن عَقِيلٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْعَ الصِّحَّةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في مَوْضِعٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَوَاضِعُهَا إنْ لم يَكُنْ مُحْدِثًا وَإِنْ كان مُحْدِثًا وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَأْتِي بَعْدَ هذا. قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى جَمِيعَهَا جَازَ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال ابن عَقِيلٍ إنْ كان عليه حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ هل يُكْتَفَى بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ يَنْبَنِي على تَدَاخُلِ الطَّهَارَتَيْنِ في الْغُسْلِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَدَاخَلَانِ فَهُنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِمَا من جِنْسَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا يَتَدَاخَلَانِ هُنَاكَ فَالْأَشْبَهُ عِنْدِي لَا يَتَدَاخَلَانِ هُنَا كَالْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ إذَا كَانَتَا من جِنْسَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لم يَجُزْ عن الْآخَرِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كانت عليه أَحْدَاثٌ فَتَارَةً تَكُونُ مُتَنَوِّعَةً عن أَسْبَابِ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ وَتَارَةً لَا تَتَنَوَّعُ فَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا وَنَوَى بَعْضَهَا بِالتَّيَمُّمِ فَإِنْ قُلْنَا في الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُهُ عَمَّا لم يَنْوِهِ فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَإِنْ قُلْنَا يُجْزِئُ هُنَاكَ أَجْزَأَ هُنَا على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ هُنَا فَلَا يَحْصُلُ له إلَّا ما نَوَاهُ وَلَوْ قُلْنَا يَرْتَفِعُ جَمِيعُهَا في الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ وَالْوُضُوءُ رَافِعٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ إنْ كَانَا جَنَابَةً وَحَيْضًا أو نِفَاسًا لم يُجْزِهِ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ أُبِيحَ له ما يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ من قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ ولم تُبَحْ له الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَإِنْ أَحْدَثَ لم يُؤْثِرْ ذلك في تَيَمُّمِهِ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِلْحَدَثِ وَبَقِيَ تَيَمُّمُ الْجَنَابَةِ بِحَالِهِ وَلَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا من حَيْضِهَا لِحَدَثِ الْحَيْضِ ثُمَّ أَجْنَبَتْ لم يَحْرُمْ وَطْؤُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ قُلْنَا كُلُّ صَلَاةٍ تَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ احْتَاجَ كُلُّ وَطْءٍ إلَى تَيَمُّمٍ يَخُصُّهُ. الثَّانِيَةُ صِفَةُ التَّيَمُّمِ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ ما يَتَيَمَّمُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَصِحُّ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعْتَبَرُ معه تَعْيِينُ ما يَتَيَمَّمُ له قبل الْحَدَثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ ظَنَّ فَائِتَةً فلم تَكُنْ أو بَانَ غَيْرُهَا لم يَصِحَّ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن الْجَوْزِيِّ إنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَقَطْ صلى نَفْلًا وقال أبو الْمَعَالِي إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ أو فَرْضَ الطَّهَارَةِ فَوَجْهَانِ. قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى نَفْلًا أو أَطْلَقَ النِّيَّةَ لِلصَّلَاةِ لم يُصَلِّ إلَّا نَفْلًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال ابن حَامِدٍ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَ جَازَ له فِعْلُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَخَرَّجَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ من نَوَى شيئا له فِعْلٌ أَعْلَى منه. قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ فِعْلُهُ وَالْجَمْعُ بين الصَّلَاتَيْنِ وَقَضَاءِ الْفَوَائِتِ. بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ لَا يَجْمَعُ في وَقْتِ الْأُولَى قال ابن تَمِيمٍ له الْجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ وفي الْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَعَنْهُ لَا يُجْمَعُ بِهِ بين فَرْضَيْنِ وَلَا يصلى بِهِ فَائِتَتَيْنِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ ابن الْقَاسِمِ وَبَكْرِ ابن مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ ابن عُبَيْدَانِ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ فَعَلَيْهَا له فِعْلُ غَيْرِهِ مِمَّا شَاءَ حتى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وفي الْفُرُوعِ لو خَرَجَ الْوَقْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ من النَّوَافِلِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ إنْ كان جُنُبًا وَالْوَطْءُ إنْ كانت حَائِضًا على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ عليها وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ وَجْهًا أَنَّ كُلَّ نَافِلَةٍ تَفْتَقِرُ إلَى تَيَمُّمٍ وقال هو ظَاهِرُ نَقْلِ ابن الْقَاسِمِ وَبَكْرِ ابن مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن عَقِيلٍ لَا يُبَاحُ الْوَطْءُ بِتَيَمُّمِ الصَّلَاةِ على هذه الرِّوَايَةِ إلَّا أَنْ يَطَأَ قَبْلَهَا ثُمَّ لَا تُصَلِّي بِهِ وَتَتَيَمَّمُ لِكُلِّ وَطْءٍ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك عنه قَرِيبًا. وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ فَعَلَيْهَا لو تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَهَلْ يصلى بِهِ. أُخْرَى على وَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ تَعَيَّنَتَا لم يُصَلِّ وَإِلَّا صلى انْتَهَى. وَعَلَيْهَا أَيْضًا لو كان عليه صَلَاةٌ من يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا لَزِمَهُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَةَ قُلْت فَعَلَيْهَا من نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ من يَوْمٍ كَفَاهُ لِصَلَاةِ الْخَمْسِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً من صَلَاتَيْنِ وَجَهِلَ عَيْنَهَا أَعَادَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَتَا مُتَّفِقَتَيْنِ من يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ جِنْسَهُمَا صلى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ من يَوْمٍ وَجَهِلَهُمَا وَقِيلَ يَكْفِي صَلَاةُ يَوْمٍ بِتَيَمُّمَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ من يَوْمٍ فَلِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ وَقِيلَ في الْمُخْتَلِفَتَيْنِ من يَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ يصلى الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ بِتَيَمُّمٍ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِتَيَمُّمٍ آخَرَ انْتَهَى. وَعَلَى الْوَجْهِ الذي ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ لو نَسِيَ صَلَاةً من يَوْمٍ صلى الْخَمْسَ بِتَيَمُّمٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ. وَأَمَّا جَوَازُ فِعْلِ التَّنَفُّلِ إذَا نَوَى بِتَيَمُّمِهِ الْفَرْضَ فَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له التَّنَفُّلُ بِهِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْفَرْضَ الذي يَتَيَمَّمُ له وَعَنْهُ لَا يَتَنَفَّلُ قبل الْفَرِيضَةِ بِغَيْرِ الرَّاتِبَةِ. وَتَقَدَّمَ الْوَجْهُ الذي ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ أَنَّ كُلَّ نَافِلَةٍ تَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالتَّنَفُّلُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ على ذلك بِأَتَمَّ من هذا عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ فِعْلُهُ وَالْجَمْعُ بين الصَّلَاتَيْنِ وَقَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَالنَّوَافِلِ أَنَّ من نَوَى شيئا اسْتَبَاحَ فِعْلَهُ وَاسْتَبَاحَ ما هو مِثْلُهُ أو دُونَهُ ولم يَسْتَبِحْ ما هو أَعْلَى منه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ فَهَذَا هو الضَّابِطُ في ذلك وَقِيلَ من نَوَى الصَّلَاةَ لم يُبَحْ له فِعْلُ غَيْرِهَا قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ من نَوَى الصَّلَاةَ لم يُبَحْ له غَيْرُهَا وَالْقِرَاءَةُ فيها وَأَنَّ من نَوَى شيئا لم يُبَحْ له غَيْرُهُ قال وَفِيهَا بُعْدٌ وَعَنْهُ يُبَاحُ له أَيْضًا فِعْلُ ما هو أَعْلَى مِمَّا نَوَاهُ وَقِيلَ إنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ صلى فَرْضًا وَتَقَدَّمَ هو وَاَلَّذِي قَبْلَهُ قَرِيبًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ النَّذْرُ دُونَ ما وَجَبَ بِالشَّرْعِ على الصَّحِيحِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ بين ما وَجَبَ بِالشَّرْعِ وما وَجَبَ بِالنَّذْرِ انْتَهَى وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ دُونَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضُ جِنَازَةٍ أَعْلَى من النَّافِلَةِ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ يُصَلِّيهَا بِتَيَمُّمِ نَافِلَةٍ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَتَحَرَّجُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ نَافِلَةً بِتَيَمُّمِ جِنَازَةٍ وَيُبَاحُ الطَّوَافُ بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ على الْمَشْهُورِ في الْمَذْهَبِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ كان الطَّوَافُ فَرْضًا. وقال أبو الْمَعَالِي وَلَا تُبَاحُ نَافِلَةٌ بِتَيَمُّمِهِ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَطَوَافٍ وَنَحْوِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى وَإِنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِلْقِرَاءَةِ أو لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَلَهُ اللُّبْثُ في الْمَسْجِدِ وقال الْقَاضِي له فِعْلُ جَمِيعِ النَّوَافِلِ لِأَنَّهَا في دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَيَمَّمُ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ فَلَهُ الْقِرَاءَةُ لَا الْعَكْسُ وَلَا يَسْتَبِيحُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ بِتَيَمُّمِهِ لِلُبْثٍ وَقِيلَ في الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ وَيُبَاحُ اللُّبْثُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ بِتَيَمُّمِهِ لِلطَّوَافِ لَا الْعَكْسُ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ الْعَكْسُ بَلَى على الصَّحِيحِ. وَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ فَفِي جَوَازِ فِعْلِ نَفْلِ الطَّوَافِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وابن عُبَيْدَانَ. قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِأَنَّ جِنْسَ الطَّوَافِ أَعْلَى من مَسِّ الْمُصْحَفِ كَذَا نَقَلَهُ ابن عُبَيْدَانَ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ إنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ أو لُبْثٍ أو مَسِّ مُصْحَفٍ لم يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ابن تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ قال ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ.
تنبيه: هذا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ على أَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ أَمَّا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ رَافِعٌ فَتُبَاحُ الْفَرِيضَةُ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ النَّافِلَةِ وقال ابن حَامِدٍ تُبَاحُ الْفَرِيضَةُ بِنِيَّتِهِ مُطْلَقًا لَا بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ كما تَقَدَّمَ.
فائدة: قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لو تَيَمَّمَ صَبِيٌّ لِصَلَاةِ فَرْضٍ ثُمَّ بَلَغَ لم يَجُزْ له أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ فَرْضًا لِأَنَّ ما نَوَاهُ كان نَفْلًا وَجَزَمَ بِهِ ابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ لو تَيَمَّمَ صَبِيٌّ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ ثُمَّ بَلَغَ فيه وهو فيها أو بَعْدَهَا فَلَهُ التَّنَفُّلُ بِهِ وفي الْفَرْضِ وَجْهَانِ وَالْوَجْهُ بِالْجَوَازِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ. قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِدُخُولِ الْوَقْتِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ قَالَهُ في الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على الْأَوَّلِ وقال ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ فقال وَهَلْ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِلْفَجْرِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أو بِزَوَالِهَا على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عن الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالنَّجَاسَةِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لِتَجَدُّدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِتَجَدُّدِ الْوَقْتِ في طَهَارَةِ الْمَاءِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. تَنْبِيهَاتٌ. منها أَنَّ التَّيَمُّمَ على الْقَوْلَيْنِ يَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ فَلَا يُبَاحُ له فِعْلُ شَيْءٍ من الْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَطِ لها التَّيَمُّمُ وَقِيلَ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ التي دخل وَقْتُهَا فَيُبَاحُ له قَضَاءُ التي تَيَمَّمَ في وَقْتِهَا إنْ لم يَكُنْ صَلَّاهَا وَفِعْلُ الْفَوَائِتِ وَالتَّنَفُّلِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذلك اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال وَعَكْسُهُ لو تَيَمَّمَ لِلْحَاضِرَةِ ثُمَّ نَذَرَ في الْوَقْتِ صَلَاةً لم يَجُزْ فِعْلُ الْمَنْذُورَةِ بِهِ عِنْدِي لِأَنَّهُ سَبَقَ وُجُوبُهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازُ انْتَهَى كَلَامُ الْمَجْدِ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَمِنْهَا دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ الْجُنُبُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ في الْمَسْجِدِ أو تَيَمَّمَتْ الْحَائِضُ لِلْوَطْءِ أو اسْتَبَاحَا ذلك بِالتَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يَبْطُلُ كما لَا تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ وَرُدَّ ما عَلَّلَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ في الْفَائِقِ في الْحَائِضِ اسْتِمْرَارَ تَيَمُّمِهَا إلَى الْحَيْضِ الْآتِي وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَمِنْهَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو خَرَجَ الْوَقْتُ وهو في الصَّلَاةِ أنها تَبْطُلُ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَوْ كان في الصَّلَاةِ وَصَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةُ وابن تَمِيمٍ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ كان الْوَقْتُ شَرْطًا وَقاله ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ من وَجَدَ الْمَاءَ وهو في الصَّلَاةِ وَخَرَّجَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ على رِوَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ في الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ قال ابن تَمِيمٍ وَكَذَا يَخْرُجُ في الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ في الصَّلَاةِ أو انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ عن الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ تُصَلِّي وَانْقِطَاعُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فيها مَنُوطٌ بِشَرْطِهِ وَفَرَاغِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فيها وَزَوَالِ الْمَلْبُوسِ عن مَحَلِّهِ عَمْدًا قبل السَّلَامِ فيها.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا كان في غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَمَّا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وهو فيها لم يَبْطُلْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا قُلْت فَيُعَايَى بها. وَمِنْهَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِطَوَافٍ وَجِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ كَالْفَرِيضَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ ثُمَّ جىء [جيء] بِأُخْرَى فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ فيه لم يُصَلِّ عليها حتى يَتَيَمَّمَ لها قال الْقَاضِي هذا لِلِاسْتِحْبَابِ وقال ابن عَقِيلٍ لِلْإِيجَابِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا تَقَدَّرَ لِلْوَقْتِ فَوَقْتُ كل صَلَاةِ جِنَازَةٍ قَدْرُ فِعْلِهَا وَكَذَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَوَاصِلَ هُنَا كَتَوَاصُلِ الْوَقْتِ لِلْمَكْتُوبَةِ قال وَعَلَى قِيَاسِهِ ما ليس له وَقْتٌ مَحْدُودٌ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ. قال في الْفُرُوعِ فَعَلَى هذا النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ كَالْوِتْرِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَالْكُسُوفِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لها بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ وَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فيها تَوَاصُلُ الْفِعْلِ كَالْجِنَازَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عن تِلْكَ النَّافِلَةِ وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فيها تَوَاصُلُ الْفِعْلِ كَالْجِنَازَةِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمُخْتَارُ لِلْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُؤَقَّتًا على رِوَايَةِ الْوَقْفِ وَعَنْهُ أَنَّهُ رَافِعٌ فيصلى بِهِ إلَى حَدَثِهِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدِ ابن الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فَيَرْفَعُ الْحَدَثَ إلَى الْقُدْرَةِ على الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ قبل وَقْتِهِ وَلِنَفْلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا سَبَبَ له وَقْتُ نَهْيٍ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ التَّيَمُّمُ لِوَقْتِ كل صَلَاةٍ إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ ذلك كما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَتَيَمَّمُ لِلْفَائِتَةِ إذَا أَرَادَ فِعْلَهَا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ إذَا ذَكَرَهَا قال وهو أَوْلَى. وَيَتَيَمَّمُ لِلْكُسُوفِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَلِلِاسْتِسْقَاءِ إذَا اجْتَمَعُوا وَلِلْجِنَازَةِ إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ أو يُمِّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ فَيُعَايَى بها فَيُقَالُ شَخْصٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حتى يَتَيَمَّمَ غَيْرُهُ وقال في الرِّعَايَةِ وَوَقْتُ التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا طَهُرَ الْمَيِّتُ وَقِيلَ بَلْ إنْجَازُ غُسْلِهِ. وَوَقْتُهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَقْتُ الْمَنْذُورَةِ كُلُّ وَقْتٍ على الْمَذْهَبِ وَوَقْتُ جَمِيعِ التَّطَوُّعَاتِ وَقْتُ جَوَازِ فِعْلِهَا وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يصلى بِهِ ما لم يَحْدُثْ وَقِيلَ أو يَجِدُ الْمَاءَ. قُلْت ظَاهِرُ هذا مُشْكِلٌ فإنه يَقْتَضِي أَنَّهُ على النَّصِّ يُصَلِّي وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وهو خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
فائدة: وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو نَوَى الْجَمْعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَيَمَّمَ لها أو لثانية [الثانية] في وَقْتِ الْأُولَى لم يَبْطُلْ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَبْطُلُ. قُلْت وَيَحْتَمِلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَوُجُودِ الْمَاءِ وَمُبْطِلَاتِ الْوُضُوءِ. أَمَّا خُرُوجُ الْوَقْتِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عليه. وَأَمَّا وُجُودُ الْمَاءِ لِفَاقِدِهِ فَيَأْتِي حُكْمُهُ قَرِيبًا. وَأَمَّا مُبْطِلَاتُ الْوُضُوءِ فَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عن الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِمَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ بِلَا نِزَاعٍ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عن الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَعَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِحُدُوثِهِمَا فَلَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا من الْحَيْضِ له ثُمَّ أَجْنَبَتْ جَازَ وَطْؤُهَا لِبَقَاءِ حُكْمِ تَيَمُّمِ الْحَيْضِ وَالْوَطْءُ إنَّمَا يُوجِبُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ على ما تَقَدَّمَ وَيَتَيَمَّمُ الرَّجُلُ إذَا وطىء ثَانِيًا عن نَجَاسَةِ الذَّكَرِ إنْ نَجِسَتْ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا. قَوْلُهُ فَإِنْ تَيَمَّمَ وَعَلَيْهِ ما يَجُوزُ الْمَسْحُ عليه ثُمَّ خَلَعَهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ. هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَائِلُ في مَحَلِّ التَّيَمُّمِ أو بَعْضِهِ فَيَبْطُلُ بِخَلْعِهِ وقال أَصْحَابُنَا يَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ على الْخُفَّيْنِ وفي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَرَدَّ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ وَهَذَا من الْمُفْرَدَاتِ. قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لم تَجِبْ إعَادَتُهَا. بِلَا نِزَاعٍ ولم يُسْتَحَبَّ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ.
تنبيه: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لو صلى على جِنَازَةٍ ثُمَّ وَجَدَهُ قَرِيبًا وهو صَحِيحٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَإِنْ تَيَمَّمَ أَعَادَ غَسْلَهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فيها بَطَلَتْ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ وَيَمْضِي في صَلَاتِهِ اخْتَارَهُمَا الْآجُرِّيُّ وَأَطْلَقَهُمَا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْمُضِيُّ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الْمُضِيُّ لَكِنْ هو أَفْضَلُ وَقِيلَ الْخُرُوجُ منها أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ قال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يَمْضِي فَقِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ جَوَازًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت الْأَوْلَى قَلْبُهَا نَفْلًا.
فائدة: رَوَى الْمَرُّوذِيُّ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ رَجَعَ عن الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلِذَلِكَ أَسْقَطَهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَثْبَتَهَا ابن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ هُنَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ عن اجْتِهَادَيْنِ في وَقْتَيْنِ فلم يَنْقَضِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ بِخِلَافِ نَسْخِ الشَّارِعِ وَهَكَذَا اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ في كل رِوَايَةٍ عُلِمَ رُجُوعُهُ عنها ذَكَرَ ذلك الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لو عَيَّنَ نَفْلًا أَتَمَّهُ وَإِنْ لم يُعَيِّنْ على أَقَلِّ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهَا مَتَى فَرَغَ من الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ قاله ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَتَابَعَهُ من بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ هَكَذَا الْحُكْمُ عليها لو انْقَلَبَ الْمَاءُ وهو في الصَّلَاةِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا قَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو الْمَعَالِي إنْ عَلِمَ تَلَفَهُ فيها بَقِيَ تَيَمُّمُهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَإِنْ لم يَعْلَمْ بِهِ لَكِنْ لَمَّا فَرَغَ شَرَعَ في طَلَبِهِ بَطَلَ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَالتَّيَمُّمُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْمَاءِ وَلَوْ انْقَلَبَ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَيْهَا لو وَجَدَهُ وهو يُصَلِّي على مَيِّتٍ بِتَيَمُّمٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَبَطَلَ تَيَمُّمُ الْمَيِّتِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ فِيهِمَا فَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ ويصلي عليه وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَلَا يُغَسَّلُ فَهَذَانِ الْفَرْعَانِ مُسْتَثْنَيَانِ من الرِّوَايَةِ على الْمُقَدَّمِ. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ وَيَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ من قَوْلِهِ بَطَلَتْ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي على من سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَرَدَّهُ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ من تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةٍ أو وَطْءٍ أو لُبْثٍ وَنَحْوِهِ التَّرْكُ بِوُجُودِ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَةً وَاحِدَةً قال في الْفُرُوعِ وَحَكَى وَجْهًا لَا يَلْزَمُ. الثَّانِيَةُ الطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ إنْ وَجَبَتْ الْمُوَالَاةُ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِمَنْ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بهذا الشَّرْطِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمُخْتَارَةُ لِلْجُمْهُورِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَيَّدَهُ بِوَقْتِ الإختيار وهو قَيْدٌ حَسَنٌ وَعَنْهُ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا أَفْضَلُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقَاضِي وَقِيلَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ إنْ عُلِمَ وُجُودُهُ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَنْهُ يَجِبُ التَّأْخِيرُ حتى يَضِيقَ الْوَقْتُ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو عَلِمَ عَدَمَ الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لو ظَنَّ عَدَمَهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عِنْدَهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. قُلْت وهو أَوْلَى وَعَنْهُ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وفي الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ. الثَّانِي أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وُجُودَ الْمَاءِ في آخِرِ الْوَقْتِ أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وهو صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَلَا يَجِبُ التَّأْخِيرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالْحَالَةُ هذه وَقِيلَ يَجِبُ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إلَى مَكَانِ الْمَاءِ لِقُرْبِهِ منه إنْ وَجَبَ الطَّلَبُ وَبَقِيَ الْوَقْتُ انْتَهَى. قَوْلُهُ فَإِنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى في أَوَّلِ الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ ليس له التَّيَمُّمُ حتى يَضِيقَ الْوَقْتُ ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ كما تَقَدَّمَ وَقِيلَ يَجِبُ التَّأْخِيرُ إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ كما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ في التَّيَمُّمِ أَنْ يَنْوِيَ ويسمى وَيَضْرِبَ بِيَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ على التُّرَابِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْنُونَ وَالْوَاجِبَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي الْمَسْنُونُ ضَرْبَتَانِ يَفْعَلُ بِهِمَا كما قال الْمُصَنِّفُ عنه وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وابن الزَّاغُونِيِّ وَالْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَحَكَى رِوَايَةً. قُلْت حكاه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَةً. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقِيلَ الْأَوْلَى ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وقال وَلَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَمِينِهِ وَيَمِينَهُ بِيَسَارِهِ أو عَكَسَ وَخَلَّلَ أَصَابِعَهُمَا فِيهِمَا صَحَّ وَقِيلَ لَا وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ يُجْزِئُ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِأَكْثَرَ من ضَرْبَتَيْنِ جَازَ وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يُسَنُّ ضَرْبَتَيْنِ وَقِيلَ أو أَكْثَرَ من ضَرْبَةٍ.
تنبيه: قَوْلُهُ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ. يَمْسَحُ ظَاهِرَ الْوَجْهِ بِمَا لَا يَشُقُّ فَلَا يَمْسَحُ بَاطِنَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَلَا بَاطِنَ الشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ اسْتِثْنَاءُ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ.
فائدة: لو تَيَمَّمَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أو بَعْضِ يَدِهِ أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ هو كَالْوُضُوءِ يَعْنِي في مَسْحِ الرَّأْسِ وَقَدَّمَ هُنَاكَ الْإِجْزَاءَ قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. فَإِنْ أَوْصَلَ التُّرَابَ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِرْقَةٍ أو خَشَبَةٍ صَحَّ على الصَّحِيحِ قال في الْفُرُوعِ وهو كَالْوُضُوءِ وَصَحَّحَ هُنَاكَ الصِّحَّةَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قال ابن عَقِيلٍ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على مَسْحِ الرَّأْسِ بِحَائِلٍ انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ. وَإِنْ أَمَرَّ الْوَجْهَ على التُّرَابِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ تَيَمَّمَ بِيَدٍ أو أَمَرَّ الْوَجْهَ على التُّرَابِ لم يَصِحَّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَتَقَدَّمَ إذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ أو صَمَدَ وَجْهَهُ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ وَجْهَهُ وإذا سَفَتْ الرِّيحُ غُبَارًا فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عليه. قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ.
فائدة: لو قُطِعَتْ يَدُهُ من الْكُوعِ وَجَبَ مَسْحُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وقال نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ وَقَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَتَقَدَّمَ التنبيه على ذلك في آخِرِ بَابِ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَتْ من فَوْقِ الْكُوعِ لم يَجِبْ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ نَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَمَنْ حُبِسَ في الْمِصْرِ صلى بِالتَّيَمُّمِ وَلَا إعَادَةَ عليه. إذَا عَدِمَ الْمَحْبُوسُ وَنَحْوُهُ الْمَاءَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يصلى بِالتَّيَمُّمِ في الْحَضَرِ حتى يُسَافِرَ أو يَقْدِرَ على الْمَاءِ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُعِيدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُعِيدُهُ وَهِيَ تُخَرَّجُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا من فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم فَيَشْتَغِلُ بِالشَّرْطِ وَعَنْهُ تَقْدِيمُ الْوَقْتِ على الشَّرْطِ فَيُصَلِّي مُتَيَمِّمًا قَالَهُ في الْفَائِقِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ اسْتَيْقَظَ آخِرَ الْوَقْتِ وهو جُنُبٌ وَخَافَ إنْ اغْتَسَلَ خَرَجَ الْوَقْتُ أو نَسِيَهَا وَذَكَرَهَا آخِرَ الْوَقْتِ وَخَافَ أَنْ يَغْتَسِلَ أو يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ خَارِجَ الْوَقْتِ كَالْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ أَيْضًا إنْ اسْتَيْقَظَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْمَاءِ يَفُوتُ الْوَقْتُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ وَلَا يَفُوتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ. وَاخْتَارَ أَيْضًا فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْحَمَّامِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حتى يَفُوتَ الْوَقْتُ كَالْغُلَامِ وَالْمَرْأَةِ التي مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ حتى تَغْسِلَهُمْ وَنَحْوَ ذلك أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ خَارِجَ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ في الْحَمَّامِ وَخَارِجَ الْوَقْتِ مَنْهِيٌّ عنهما كَمَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وهو في الْمَسْجِدِ. وَاخْتَارَ أَيْضًا جَوَازَ التَّيَمُّمِ خَوْفًا من فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ أَوْلَى من الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ. قُلْت وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ وَخَرَّجَهُ في الْفَائِقِ لِنَفْسِهِ من الرِّوَايَةِ التي في الْعِيدِ وَجَعَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْجُمُعَةَ أَصْلًا لِلْمَنْعِ وَأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فيها.
فائدة: يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ الْخَائِفُ فَوَاتَ عَدُوِّهِ فإنه لَا يَجُوزُ له التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ هُنَا وفي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في آخِرِ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ. قَوْلُهُ وَلَا الْجِنَازَةِ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا من فَوَاتِ الْجِنَازَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ قال الْأَصْحَابُ وَكَذَا اخْتَارَهُ يَعْنِي أنها كَالْمَكْتُوبَةِ في عَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لها خَوْفًا من فَوَاتِهَا وَعَنْهُ يَجُوزُ لِلْجِنَازَةِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. تَنْبِيهَاتٌ. أَحَدُهَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِفَوَاتِ الْجِنَازَةِ فَوَاتُهَا مع الْإِمَامِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال جَمَاعَةٌ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ على قَبْرِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فيه. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ مع وُجُودِ الْمَاءِ خَوْفًا من فَوَاتِهَا قَوْلًا وَاحِدًا وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قال ابن تَمِيمٍ وَأَلْحَقَ عبد الْعَزِيزِ صَلَاةَ الْعِيدِ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ التَّيَمُّمِ فيها وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وفي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقِيلَ وَالْعِيدِ إذَا خَافَ الْفَوْتَ رِوَايَتَانِ وَحَكَى في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً كَالْجِنَازَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا وقال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ وَعِيدٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ قال ابن حَامِدٍ يَخْرُجُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ على الْجِنَازَةِ وقال ابن تَمِيمٍ وهو حَسَنٌ. الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا وَصَلَ الْمُسَافِرُ إلَى الْمَاءِ وقد ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَرَدَّ غَيْرَهُ وَقِيلَ تَيَمَّمَ قال ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَنَصَرَهُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانِ وقال ما أَدَقَّ هذا النَّظَرُ وَلَوْ طَرَدَهُ في الْحَضَرِ لَكَانَ قد أَجَادَ وَأَصَابَ. قُلْت وهو الْمَذْهَبُ وهو مُخَالِفٌ لِمَا أَسْلَفْنَاهُ من الْقَاعِدَةِ في الْخُطْبَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ أو عَلِمَ الْمَاءَ قَرِيبًا أو خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أو دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ أو دَلَّهُ ثِقَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ في خَوْفِ دُخُولِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ كَخَوْفِ فَوَاتِ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ وَجَزَمَ ابن تَمِيمٍ بِالتَّيَمُّمِ في الْأُولَى وَأَطْلَقَ ابن حَمْدَانَ فيه الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمَيِّتٌ وَمَنْ عليها غُسْلُ حَيْضٍ فَبَذَلَ ما يَكْفِي أَحَدُهُمْ لأولاهم [لأولادهم] بِهِ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَنَّهُ لِلْحَيِّ يَعْنِي هو أَوْلَى بِهِ من الْمَيِّتِ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ وَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ فيه وَجْهَانِ. يَعْنِي على رِوَايَةٍ أَنَّ الْحَيَّ أَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ. أَحَدُهُمَا الْحَائِضُ أَوْلَى وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ الْحَائِضِ بِكُلِّ حَالٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَالثَّانِي الْجُنُبُ مُطْلَقًا أَوْلَى قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ الرَّجُلُ الْجُنُبُ خَاصَّةً أَوْلَى من الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ يُقْرَعُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ.
فوائد: إحداها من عليه نَجَاسَةٌ أَحَقُّ من الْمَيِّتِ وَالْحَائِضِ وَالْجُنُبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الْمَيِّتُ أَوْلَى أَيْضًا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالتَّلْخِيصُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَنَجَسُ الْبَدَنِ غَيْرُ قُبُلٍ وَدُبُرٍ وَقِيلَ وَغَيْرُ ثَوْبِ سُتْرَةٍ أَوْلَى منهم وَمِنْ الْمَيِّتِ إذَنْ وَإِلَّا فَالْمَيِّتُ أَوْلَى وَقِيلَ الْمَيِّتُ أَوْلَى منه مُطْلَقًا وَمِنْ غَيْرِهِ. الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ يُقَدَّمُ جُنُبٌ على مُحْدِثٍ وَقِيلَ الْمُحْدِثُ إلَّا أَنْ يَكْفِيَ من تَطَهَّرَ بِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَفَاهُ فَقَطْ قُدِّمَ. وَقِيلَ الْجُنُبُ وقال ابن تَمِيمٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مُحْدِثٌ وَجُنُبٌ وَوُجِدَ مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمَا وَيَفْضُلُ منه ما لَا يَكْفِي الْآخَرَ فَالْجُنُبُ أَوْلَى في وَجْهٍ وَقَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وفي آخِرِ الْمُحْدِثِ أَوْلَى قَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وفي ثَالِثٍ هُمَا سَوَاءٌ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أو يُعْطِيهِ الْبَاذِلُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَإِنْ كان يَكْفِي الْجُنُبَ وَيَفْضُلُ عن الْمُحْدِثِ فَالْجُنُبُ أَوْلَى وَإِنْ كان يَكْفِي الْمُحْدِثَ وَحْدَهُ فَهُوَ أَوْلَى. وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ كَفَاهُ وَحْدَهُ مِمَّنْ يُقَدَّمُ وَمِنْ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ لم يَكُنْ أَحَدُهُمْ فَالْجُنُبُ وَنَحْوُهُ أَوْلَى من الْمُحْدِثِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ فَبِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ أو بِالتَّخْيِيرِ من بَاذِلِهِ وَإِنْ كَفَى الْجُنُبَ أو نَحْوَهُ وَفَضَلَ من الْمُحْدِثِ شَيْءٌ فَوَجْهَانِ وَإِنْ كان يَفْضُلُ من وَاحِدٍ ما لَا يَكْفِي الْآخَرَ قدم [يقدم] الْمُحْدِثُ وَقِيلَ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ بَلْ من قُرِعَ وَقِيلَ بَلْ بِالتَّخْيِيرِ من بَاذِلِهِ. الثَّالِثَةُ لو بَادَرَ عن غَيْرِهِ أَوْلَى منه فَتَطَهَّرَ بِهِ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال ابن تَمِيمٍ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاقْتَصَرَ عليه. الرَّابِعَةُ قال في التَّلْخِيصِ وَاعْلَمْ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ لَا تُتَصَوَّرُ إذَا كان الْمَاءُ لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ وَصَوَّرَهَا جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا في مَاءٍ مُبَاحٍ أو مَمْلُوكٍ أَرَادَ مَالِكُهُ بَذْلَهُ لِأَحَدِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ فإن الْمُبَاحَ قبل وَضْعِ الْأَيْدِي عليه لَا مِلْكَ فيه وَبَعْدَ وَضْعِ الْأَيْدِي لِلْجَمِيعِ وَالْمَالِكُ له وِلَايَةُ صَرْفِهِ إلَى من شَاءَ إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بِهِ الْفَضِيلَةَ وَلَفْظُ الْأَحَقِّيَّةِ والأولوية لَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَعِنْدِي لِذَلِكَ صُورَةٌ مَعْصُومَةٌ من ذلك وَهِيَ أَنْ يوصى بمائة لِأَوْلَاهُمْ بِهِ انْتَهَى. قال في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِهِ في التَّلْخِيصِ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا في النَّذْرِ لِأَوْلَاهُمْ بِهِ وَالْوَقْفِ عليه وَفِيمَا إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ مَعْرِفَةَ أَوْلَاهُمْ بِهِ لِيُؤْثَرَ بِهِ وَفِيمَا إذَا ما وَرَدُوا على مُبَاحٍ وَازْدَحَمُوا وَتَشَاحُّوا في التَّنَاوُلِ أَوَّلًا. الْخَامِسَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَأْتِي هذه الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا في الْمَاءِ الْمُشْتَرَكِ وقال هو ظَاهِرُ ما نُقِلَ عن أَحْمَدَ وهو أَوْلَى من التَّشْقِيصِ. السَّادِسَةُ لو اجْتَمَعَ جُنُبَانِ أو نَحْوُهُمَا أو مُحْدِثَانِ حَدَثًا أَصْغَرَ وَالْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا اقْتَرَعَا وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا قال ذلك في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. السَّابِعَةُ لو اجْتَمَعَ على شَخْصٍ وَاحِدٍ حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ في بَدَنِهِ وَمَعَهُ ما يَكْفِي أَحَدَهُمَا قَدَّمَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ نَصَّ عليه وَكَذَا إنْ كانت على ثَوْبِهِ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْحَدَثُ وَهِيَ قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَلَوْ اجْتَمَعَ عليه نَجَاسَةٌ في ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ قَدَّمَ الثَّوْبَ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ نَجَاسَةُ ثَوْبِهِ على نَجَاسَةِ بَدَنِهِ وَنَجَاسَةُ الْبَدَنِ على نَجَاسَةِ السَّبِيلَيْنِ وَيَسْتَجْمِرُ وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ. الثَّامِنَةُ لو كان الْمَاءُ لِأَحَدِهِمْ لَزِمَ اسْتِعْمَالُهُ ولم يَكُنْ له بَذْلُهُ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ إنْ فَضَلَ منه عن حَاجَتِهِ اُسْتُحِبَّ له بَذْلُهُ. وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابن الْقَيِّمِ في الهدى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْثِرَ بِالْمَاءِ من يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ هو وَأَمَّا إذَا كان الْمَاءُ لِلْوَلَدِ فَهَلْ له أَنْ يُؤْثِرَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ بِهِ وَيَتَيَمَّمَ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَ ابن عُبَيْدَانَ عَدَمَ الْجَوَازِ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إنْ كان الْمَاءُ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَجُوزُ بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِنْ كان الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ تَعَيَّنَ وقال في الْكَافِي وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْثِرَ بِهِ أَحَدًا وَأَطْلَقَ وقال فَإِنْ آثَرَ بِهِ وَتَيَمَّمَ لم يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ مع وُجُودِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ الْآخَرُ فَحُكْمُ الْمُؤْثَرِ بِهِ حُكْمُ من أَرَاقَ الْمَاءَ على ما تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ دَلَّ عليه قَرِيبًا. وَأَمَّا إذَا كان الْمَاءُ لِلْمَيِّتِ غُسِّلَ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ منه فَضْلٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ الْوَارِثُ حَاضِرًا فَلِلْحَيِّ أَخْذُهُ لِلطَّهَارَةِ بِثَمَنِهِ في مَوْضِعِهِ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَوَاشِي وَغَيْرِهِمْ وقيل ليس له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَتَقَدَّمَ إذَا كان رَفِيقَ الْمَيِّتِ عَطْشَانُ وَلَهُ مَاءٌ أَوَّلَ الْبَابِ. التَّاسِعَةُ لو اجْتَمَعَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ لَا ثَوْبَ لَهُمَا وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَبُذِلَ ثَوْبٌ لِأَوْلَاهُمَا بِهِ صلى فيه الْحَيُّ ثُمَّ كُفِّنَ فيه الْمَيِّتُ في وَجْهٍ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. وفي وَجْهٍ آخَرَ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ على صَلَاةِ الْحَيِّ فيه وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وقال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ أَوْلَى بِهِ مُطْلَقًا قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ وَيَأْتِي في الْجَنَائِزِ في فَصْلِ الْكَفَنِ لو وُجِدَ كَفَنٌ وَاحِدٌ وَوُجِدَ جَمَاعَةٌ من الْأَمْوَاتِ هل يُجْمَعُونَ فيه أو يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ. الْعَاشِرَةُ لو احْتَاجَ حَيٌّ لِكَفَنِ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ زَادَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ إنْ خَشِيَ التَّلَفَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ على الْمَيِّتِ قال في الْفُرُوعِ يُقَدَّمُ في الْأَصَحِّ من احْتَاجَ كَفَنَ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ وقال ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ يُصَلَّى عليه عَادِمَ السُّتْرَةِ في إحْدَى لِفَافَتَيْهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ عُرْيَانًا كَلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ بها ذَكَرَهُ في الْكَفَنِ.
قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إزَالَتُهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ. يَعْنِي الْمَاءَ الطَّهُورَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الْقَاضِي قال أَصْحَابُنَا لَا تَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أنها تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ كَالْخَلِّ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ذَكَرَهُ في آخِرِ الْبَابِ وَقِيلَ تُزَالُ بِغَيْرِ الْمَاءِ لِلْحَاجَةِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ قال حَفِيدُهُ وهو أَشْبَهُ بِنُصُوصِ أَحْمَدَ نَقَلَهُ ابن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في تَعْلِيقِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقِيلَ تُزَالُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ وهو رِوَايَةٌ عِنْدَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا تُزَالُ إلَّا بِمَاءٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. قَوْلُهُ وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ بِلَا نِزَاعٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا وَجَمِيعِ أَجْزَائِهِمَا نَجِسٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ يُغْسَلُ وُلُوغُهُ فَقَطْ تَعَبُّدًا وِفَاقًا لِمَالِكٍ فَظَاهِرُ الْقَوْلِ أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَلَكِنْ يُغْسَلُ الْوُلُوغُ تَعَبُّدًا وَعَنْهُ طَهَارَةُ الشَّعْرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قال ابن تَمِيمٍ فَيَخْرُجُ ذلك في كل حَيَوَانٍ نَجِسٍ وهو كما قال وَعَنْهُ سُؤْرُهُمَا طَاهِرٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ نَقَلَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. قَوْلُهُ وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ سَبْعًا. تُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ سَبْعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ ثَمَانِيًا فَظَاهِرُ ما نَقَلَهُ ابن أبي مُوسَى اخْتِصَاصُ الْعَدَدِ بِالْوُلُوغِ قاله ابن تَمِيمٍ وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نَجَاسَةَ الْخِنْزِيرِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ هو شَرٌّ من الْكَلْبِ وَقِيلَ لَيْسَتْ نَجَاسَةُ الْخِنْزِيرِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ فلم يذكر أَحْمَدُ فيه عَدَدًا وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ في نَجَاسَتِهِمَا عَدَدٌ قال ابن شِهَابٍ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ وَإِنَّمَا يُغْسَلُ ما يَغْلِبُ على الظَّنِّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ رِوَايَةً قال ابن تَمِيمٍ قال شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ أَنَّ الْعَدَدَ لَا يَجِبُ في غَيْرِ الْآنِيَةِ. وَتَقَدَّمَ في الْوُضُوءِ هل تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ في غَسْلِ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ التُّرَابِ في غَسْلِ نَجَاسَتِهِمَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ اسْتِحْبَابُ التُّرَابِ ذَكَرَهَا ابن الزَّاغُونِيِّ نَقَلَهَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وقال وهو ضَعِيفٌ وقال ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ في الْوُلُوغِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ حَكَاهَا ابن الزَّاغُونِيِّ وَقِيلَ إنْ تَضَرَّرَ الْمَحَلُّ سَقَطَ التُّرَابُ قال الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وهو الْأَظْهَرُ وَقِيلَ يَجِبُ في إنَاءٍ وَنَحْوِهِ فَقَطْ وَحَكَى رِوَايَةً.
تنبيه: قَوْلُهُ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لو جَعَلَ التُّرَابَ في أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ في الْأَوْلَوِيَّةِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ فيه وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْوَجِيزِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الصَّوَابُ وَبَنَاهُ على قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَعَنْهُ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ في الْغَسْلَةِ الْأُولَى وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ قال ابن تَمِيمٍ الْأَوْلَى جَعْلُهُ في الْأُولَى إنْ غُسِلَ سَبْعًا قال في الْإِفَادَاتِ لَا يَكُونُ إلَّا في الْأَخِيرَةِ وَعَنْهُ الْأَخِيرَةُ أَوْلَى وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ في الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ غَسَلَهَا ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ أَوْلَى جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وقال نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ غَسَلَهُ ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ أَوْلَى.
فوائد: إحداها لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ على الْمَحَلِّ بَلْ لَا بُدَّ من مَائِعٍ يُوصِلُهُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ ذَرُّهُ وَيُتْبِعَهُ الْمَاءَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وهو أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِالتُّرَابِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقِيلَ يَكْفِي مُسَمَّى التُّرَابِ مُطْلَقًا قَالَهُ ابن الزَّاغُونِيِّ وَقِيلَ يَكْفِي مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ دُونَ غَيْرِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ يَكْفِي منه ما يُغَيِّرُ الْمَاءَ قاله ابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. الثَّالِثَةُ يُشْتَرَطُ في التُّرَابِ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُجْزِئُ بِالطَّاهِرِ أَيْضًا وهو ظَاهِرُ ما في التَّلْخِيصِ. قَوْلُهُ فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَهُ أُشْنَانًا أو نَحْوَهُ فَعَلَى وجهين [وجهان]. أَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا يُجْزِئُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ هذا أَقْوَى الْوُجُوهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقُومُ غَيْرُ التُّرَابِ مَقَامَهُ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْفُصُولِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على التُّرَابِ قال في الْمُذْهَبِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال ابن حَامِدٍ إنَّمَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عن التُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِهِ أو إفْسَادِ الْمَغْسُولِ بِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ في إسْقَاطِ التُّرَابِ في نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا تَضَرَّرَ الْمَحَلُّ وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ عن التُّرَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ في إقَامَةِ الْغَسْلَةِ الثَّامِنَةِ عن التُّرَابِ وَقِيلَ تَقُومُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ مَقَامَ التُّرَابِ فِيمَا يُخَافُ تَلَفُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ. قَوْلُهُ وفي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ. إحْدَاهُنَّ يَجِبُ غَسْلُهَا سَبْعًا وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهَا جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ قال ابن هُبَيْرَةَ هو الْمَشْهُورُ وَصَحَّحَهُ في التصحيح [الصحيح] وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ قال في الْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ غَسْلُهَا ثَلَاثًا اختارها الْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ في غَيْرِ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَدَّمَهُ مُطْلَقًا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الِاسْتِنْجَاءِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِهِ. وَالثَّالِثَةُ تُكَاثَرُ بِالْمَاءِ من غَيْرِ عَدَدٍ اختارها الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَطَعَ بِهِ في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ في الْبَدَنِ وَيَجِبُ في السَّبِيلَيْنِ وفي غَيْرِ الْبَدَنِ سَبْعٌ قال الْخَلَّالُ وَهِيَ وَهْمٌ وَعَنْهُ يَجِبُ الْعَدَدُ إلَّا في الْخَارِجِ من السَّبِيلَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي لَا يَجِبُ الْعَدَدُ إلَّا في الِاسْتِنْجَاءِ وَعَنْهُ يَغْسِلُ مَحَلَّ الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثٍ وَغَيْرِهِ بِسَبْعٍ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ الْخَارِجُ من السَّبِيلَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَمِنْ غَيْرِ نَجَاسَتِهِمَا وَعَنْهُ لَا يَجِبُ في الثَّوْبِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَدَدٌ ذَكَرَهَا الْآمِدِيُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْمَسْحُ في الْمُتَنَجِّسِ الذي يَضُرُّهُ الْغَسْلُ كَثِيَابِ الْحَرِيرِ وَالْوَرِقِ وَنَحْوِهِمَا. قال وَأَصْلُهُ الْخِلَافُ في إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْرَطُ التُّرَابُ على وَجْهَيْنِ. وَهُمَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ وَقاله ابن أبي مُوسَى يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأُولَى ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أعنى الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ التُّرَابُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ بِالتُّرَابِ في أَصَحِّ الوجهين [الوجهان] وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا الْمَشْهُورُ. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التُّرَابِ قَوْلًا وَاحِدًا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ وُجُوبُ الْغُسْلِ ثَلَاثًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ حُكْمَ التُّرَابِ في الْغُسْلِ ثَلَاثًا حُكْمُهُ في الْغُسْلِ سَبْعًا وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَرَّحَ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَدَدِ. الثَّانِي مَحَلُّ الْخِلَافِ في التُّرَابِ إنَّمَا هو في غَيْرِ مَحَلِّ السَّبِيلَيْنِ فَأَمَّا مَحَلُّ السَّبِيلَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فيه تُرَابٌ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَنَصَّ عليه وَحَكَى عن الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ أَوْجَبَ التُّرَابَ في مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا وَصَرَّحَ بِوُجُوبِهِ في الْفَائِقِ عنه.
فوائد: منها حَيْثُ قُلْنَا يَغْسِلُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ سَبْعًا لم تَزُلْ طَهُورِيَّةُ ما بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن عَقِيلٍ وجها [واحدا] وَاحِدًا وَقِيلَ تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي. قُلْت فَيُعَايَى بها على هذا الْقَوْلِ. وَمِنْهَا قال في الْفُرُوعِ يُحْسَبُ الْعَدَدُ في إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ قبل زَوَالِهَا في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وفي ظَاهِرِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ لَا يُحْسَبُ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهَا. وَمِنْهَا يُغْسَلُ ما نَجِسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ بِعَدَدِ ما بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بعدد [بعد] ما بَقِيَ مع تِلْكَ الْغَسْلَةِ وَقِيلَ يُغْسَلُ سَبْعًا إنْ اشْتَرَطْنَا السَّبْعَ في أَصْلِهِ واختاره ابن حَامِدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وأطلق [أطلق] الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ ابن عُبَيْدَانَ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُغْسَلُ بِتُرَابٍ إنْ لم يَكُنْ غَسَلَ بِهِ وَاشْتَرَطْنَاهُ وَعَلَى الثَّالِثِ يَغْسِلُ بِتُرَابٍ أَيْضًا إنْ اشْتَرَطْنَاهُ في أَصْلِهِ. قَوْلُهُ كَالنَّجَاسَاتِ كُلِّهَا إذَا كانت على الْأَرْضِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كانت على الْأَرْضِ تَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ سَوَاءٌ كانت من كَلْبٍ أو خِنْزِيرٍ أو غَيْرِهِمَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا حتى يَنْفَصِلَ الْمَاءُ وَقِيلَ يَجِبُ الْعَدَدُ من نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ مَعَهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مُقْنِعِهِ وَالنَّصُّ خِلَافُهُ وَعَنْهُ يَجِبُ الْعَدَدُ في غَيْرِ الْبَوْلِ نَقَلَهُ ابن حَامِدٍ وَحَكَى الْآمِدِيُّ رِوَايَةً في الْأَرْضِ يَجِبُ لِكُلِّ بَوْلَةٍ ذَنُوبٌ وَعَنْهُ في بِرْكَةٍ وَقَعَ فيها بَوْلٌ تُنْزَحُ وَيُقْلَعُ الطِّينُ ثُمَّ تُغْسَلُ.
فوائد: الْأُولَى الصَّخْرُ وَالْأَجْرِبَةُ من الْحَمَّامِ وَالْأَحْوَاضِ وَنَحْوِ ذلك حُكْمُهَا حُكْمُ. الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا. الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ الْعَصْرُ في كل غَسْلَةٍ مع إمْكَانِهِ فِيمَا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ أو دَقُّهُ أو تَقْلِيبُهُ إنْ كان ثَقِيلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا قال ابن عُبَيْدَانَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ذلك في غَيْرِ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال الصَّحِيحُ لَا يُجْزِئُ تَجْفِيفُ الثَّوْبِ عن عَصْرِهِ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ يُجْزِئُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَفَافُهُ كَعَصْرِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في إجْزَاءِ التَّجْفِيفِ عن الْعَصْرِ في الْفُرُوعِ وَالتَّلْخِيصِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. وَإِنْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ مَحَلًّا لَا يَتَشَرَّبُ بها كَالْآنِيَةِ وَنَحْوِهَا طَهُرَ بِمُرُورِ الْمَاءِ عليه وَانْفِصَالِهِ عنه وَإِنْ لَصِقَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ وَجَبَ مع ذلك إزَالَتُهَا وَيَجِبُ الحت [الحث] وَالْقَرْضُ قال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ إنْ لم يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ بها وقال في الرِّعَايَةِ إنْ تَعَذَّرَتْ الْإِزَالَةُ بِدُونِهَا أو لَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. الثَّالِثَةُ وَلَوْ كَاثَرَ مَاءً نَجِسًا في إنَاءٍ بِمَاءٍ كَثِيرٍ لم يَطْهُرْ الْإِنَاءُ بِدُونِ إرَاقَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَطْهُرُ وَإِنْ لم يُرَقْ وَلَوْ طَهُرَ مَاءٌ كَثِيرٌ نَجِسٌ في إنَاءٍ بِمُكْثِهِ لم يَطْهُرْ الْإِنَاءُ معه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَإِنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ عنه حُسِبَ غَسْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُكْمَلُ وَقِيلَ يَطْهُرُ الْإِنَاءُ تَبَعًا كَالْمُحْتَفَرِ من الْأَرْضِ وَقِيلَ إنْ مَكَثَ بِقَدْرِ الْعَدَدِ طَهُرَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الْحُكْمُ في الثَّوْبِ إذَا لم يُعْتَبَرْ عَصْرُهُ وَالْإِنَاءُ إذَا غُمِسَ في مَاءٍ كَثِيرٍ وَأَمَّا اعْتِبَارُ تَكْرَارِ غَمْسِهِ فَمَبْنِيٌّ على اعْتِبَارِ الْعَدَدِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَخَضْخَضَتُهُ في الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَكْفِي وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي إنْ مَرَّ عليه أَجْزَاءٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. فَلَوْ وَضَعَ ثَوْبًا في الْمَاءِ ثُمَّ غَمَرَهُ بِمَاءٍ وَعَصَرَهُ فَغَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ يبنى عليها وَيَطْهُرُ. على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَصَبِّهِ في غَيْرِ إنَاءٍ وَعَنْهُ لَا يَطْهُرُ لِأَنَّ ما يَنْفَصِلُ بِعَصْرِهِ لَا يُفَارِقُهُ عَقِيبَهُ وَعَنْهُ يَطْهُرُ إنْ تَعَذَّرَ بِدُونِهِ. وَلَوْ عَصَرَ الثَّوْبَ في الْمَاءِ ولم يَرْفَعْهُ منه لم يَطْهُرْ حتى يُخْرِجَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ قَدَّمَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ يَطْهُرُ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. الرَّابِعَةُ لو غَسَلَ بَعْضَ الثَّوْبِ النَّجِسِ طَهُرَ ما غَسَلَ منه قال الْمُصَنِّفُ وَيَكُونُ الْمُنْفَصِلُ نَجِسًا لِمُلَاقَاتِهِ غير الْمَغْسُولِ قال ابن حَمْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى فَإِنْ أَرَادَ غَسْلَ بَقِيَّتِهِ غَسَلَ ما لَاقَاهُ. الْخَامِسَةُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أو رِيحٍ أو هُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أو يَشُقُّ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أو يَتَضَرَّرُ الْمَحَلُّ وَقِيلَ يُكْتَفَى بِالْعَدَدِ وَقِيلَ يَضُرُّ بَقَاؤُهُمَا أو أَحَدِهِمَا وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُعْفَى عن اللَّوْنِ دُونَ الرِّيحِ لِأَنَّ قَلْعَ أَثَرِهِ أَعْسَرُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَطْهُرُ مع بَقَائِهِمَا أو بَقَاءِ أَحَدِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال جَمَاعَةٌ يُعْفَى عنه منهم الْقَاضِي في شَرْحِهِ وَقِيلَ في زَوَالِ لَوْنِهَا فَقَطْ وَجْهَانِ وَيَضُرُّ بَقَاءُ الطَّعْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَضُرُّ. السَّادِسَةُ لو لم تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِمِلْحٍ أو غَيْرِهِ مع الْمَاءِ لم يَجِبْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَذَكَرَهُ ابن الزَّاغُونِيِّ في التُّرَابِ تَقْوِيَةً لِلْمَاءِ. قَوْلُهُ وَلَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ النَّجِسَةُ بِشَمْسٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا بِجَفَافٍ أَيْضًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقِيلَ تَطْهُرُ في الْكُلِّ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ قال في الرِّعَايَةِ وَخَرَّجَ لنا فِيهِمَا الطَّهَارَةَ إنْ زَالَ لَوْنُهَا وَأَثَرُهَا وَقِيلَ وَرِيحُهَا وَقِيلَ على الْأَرْضِ وقال ابن تَمِيمٍ وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الطَّهَارَةَ بِذَلِكَ على التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِحَالَةِ .
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إن غير الْأَرْضِ لَا تَطْهُرُ بِشَمْسٍ وَلَا رِيحٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ تَطْهُرُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ في حَبْلِ الْغَسِيلِ وَاخْتَارَ هذا الْقَوْلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا وَإِحَالَةُ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ لِلنَّجَاسَةِ كَالشَّمْسِ وقال أَيْضًا إذَا أَزَالَهَا التُّرَابُ عن النَّعْلِ فَعَنْ نَفْسِهِ إذْ خَالَطَهَا وقال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. قَوْلُهُ وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ من النَّجَاسَاتِ بِالِاسْتِحَالَةِ وَلَا بِنَارٍ أَيْضًا إلَّا الْخَمْرَةَ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرُوهُ وَعَنْهُ بَلْ تَطْهُرُ وَهِيَ مُخْرَجَةٌ من الْخَمْرَةِ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَرَّجَهَا الْمَجْدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فَحَيَوَانٌ مُتَوَلِّدٌ من نَجَاسَةٍ كَدُودِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ وَصَرَاصِيرِ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ في نَجَاسَةِ وَجْهِ تَنُّورٍ سُجِّرَ بِنَجَاسَةٍ وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ يُغْسَلُ وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا بَأْسَ قال في الْفُرُوعِ وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ عَمَلُ زَيْتِ نَجِسٍ صَابُونًا وَنَحْوَهُ وَتُرَابُ جَبَلٍ بِرَوْثِ حِمَارٍ فَإِنْ لم يَسْتَحِلَّ عفى عن يَسِيرِهِ في رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ تَنَجَّسَ التَّنُّورُ بِذَلِكَ طَهُرَ بِمَسْحِهِ بِيَابِسٍ فَإِنْ مُسِحَ بِرَطْبٍ تَعَيَّنَ الْغُسْلُ وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ يُسَجَّرُ التَّنُّورُ مَرَّةً أُخْرَى على ذلك. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الرِّوَايَةَ صَرِيحَةٌ في التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِحَالَةِ وَأَنَّ هذا من الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يكتفي بِالْمَسْحِ إذَا لم يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّ نَجَاسَةَ الْجَلَّالَةِ وَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ نَجَاسَةٌ مُجَاوِرَةٌ وقال فَلْيُتَأَمَّلْ ذلك فإنه دَقِيقٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ الْقُصْرُمِلُّ وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَنَحْوُهَا نَجِسٌ وَعَلَى الثَّانِي طَاهِرٌ وَكَذَا ما تَصَاعَدَ من بُخَارِ الْمَاءِ النَّجِسِ إلَى الْجِسْمِ الصَّقِيلِ ثُمَّ عَادَ فَتَقْطُرُ فإنه نَجِسٌ على الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ نَفْسُ الرُّطُوبَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ وَإِنَّمَا يَتَصَاعَدُ في الْهَوَاءِ كما يَتَصَاعَدُ بُخَارُ الْحَمَّامَاتِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّ ما يَتَصَاعَدُ في الْحَمَّامَاتِ وَنَحْوِهَا طَهُورٌ أو يُخَرَّجُ على هذا الْخِلَافِ. قَوْلُهُ إلَّا الْخَمْرَةَ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَمْرَةَ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَحَكَى الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ لَا يَطْهُرُ إذَا انْقَلَبَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ فيه مَاءً وَقِيلَ لَا تَطْهُرُ الْخَمْرَةُ مُطْلَقًا.
فائدة: دَنُّ الْخَمْرِ مِثْلُهَا فَيَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لم يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ في غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ وَإِنْ خُلِّلَتْ لم تَطْهُرْ. اعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَةَ يَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ فِيمَا يُلْقَى فيها فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ لم تَطْهُرْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقِيلَ تَطْهُرُ وفي الْوَسِيلَةِ في آخِرِ الرَّهْنِ رِوَايَةٌ أنها تَحِلُّ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لو خُلِّلَتْ طَهُرَتْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ خُلِّلَتْ كُرِهَ ولم تَطْهُرْ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو خُلِّلَتْ بِنَقْلِهَا من الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أو بِالْعَكْسِ أو فُرِغَ من مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أو أَلْقَى جَامِدًا فيها فَفِيهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى واطلقهما في النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ في الْفَائِقِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ طَرِيقَةٌ مُوجَزَةٌ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى إحْدَاهُمَا لَا تَطْهُرُ وهو الْمَذْهَب وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ تَطْهُرُ كما لو نَقَلَهَا بِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ وَتَخَلَّلَتْ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ فَقَطْ وهو أَصَحُّ ثُمَّ قال قُلْت وَكَذَا إنْ كَشَفَ الزِّقَّ فَتَخَلَّلَ بِشَمْسٍ أو ظِلٍّ.
فوائد: إحداها في جَوَازِ إمْسَاكِ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَالثَّالِثُ يَجُوزُ في خَمْرَةِ الْخَلَّالِ دُونَ غَيْرِهَا وهو الصَّحِيحُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَشْهَرُ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ ابن تَمِيمٍ بِإِرَاقَةِ خَمْرِ الْخَلَّالِ وَأَطْلَقَ في خَمْرِ الْخَلَّالِ الوجهين [الوجهان]. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ لو تَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ طَهُرَ على الصَّحِيحِ قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْمَنْعِ تَطْهُرُ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ لَا تَطْهُرُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو اتَّخَذَهُ لِلْخَلِّ فَتَخَمَّرَ وَقُلْنَا يُرَاقُ فَأُمْسِكَ لِيَصِيرَ خَلًّا فَصَارَ خَلًّا فَفِي طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ وفي جَوَازِ إمْسَاكِ الْخَمْرِ لِيَصِيرَ خَلًّا وَجْهَانِ فَإِنْ جَازَ فَصَارَ خَلًّا طَهُرَ وَإِنْ لم يَجُزْ لم يَطْهُرْ انْتَهَى وَهُمَا وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَإِنْ اتَّخَذَ عَصِيرًا لِلْخَمْرِ ولم يَتَخَمَّرْ وَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ فَفِي حِلِّهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ قَبْلَهُ. الثَّانِيَةُ الْخَلُّ الْمُبَاحُ أَنْ يُصَبَّ على الْعِنَبِ أو الْعَصِيرِ خَلٌّ قبل غَلَيَانِهِ حتى لَا يغلى نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. الثَّالِثَةُ الْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ نَجِسَةٌ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ طَاهِرَةٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَوَاشِي وَقِيلَ نَجِسَةٌ إنْ أُمِيعَتْ وَإِلَّا فَلَا أَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَيَأْتِي حُكْمُ أَكْلِهَا في بَابِ حَدِّ الْمُسْكِرِ. قَوْلُهُ وَلَا تَطْهُرُ الْأَدْهَانُ النَّجِسَةُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال أبو الْخَطَّابِ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ منها ما يَتَأَتَّى غَسْلُهُ مِثْلُ أَنْ تُصَبَّ في مَاءٍ كَثِيرٍ وَتُحَرَّكَ ثُمَّ تُتْرَكَ حتى تَطْفُوَ فَتُؤْخَذَ وَنَحْوَ ذلك وهو تَخْرِيجُ الْكَافِي ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْبَيْعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقِيلَ يَطْهُرُ زِئْبَقٌ بِالْغَسْلِ لِأَنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ قاله ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَاقْتَصَرَ عليه جَمَاعَةٌ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَيُعَايَى بها فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي في كِتَابِ الْبَيْعِ ما يَتَعَلَّقُ بِبَيْعِهِ.
فوائد: منها تَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ الْخِلَافُ في تَنْجِيسِ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَلَوْ كان جَامِدًا أُخِذَتْ منه النَّجَاسَةُ وما حَوْلَهَا وَالْبَاقِي طَاهِرٌ وَحَدُّ الْجَامِدِ ما لم تَسْرِ النَّجَاسَةُ فيه على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال ابن عَقِيلٍ حَدُّهُ ما لو كُسِرَ وِعَاؤُهُ لم تَسِلْ أَجْزَاؤُهُ وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفَائِقِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ ما لو قُوِّرَ لم يَلْتَئِمْ حَالًا . وَلَا يَطْهُرُ ما عَدَا الْمَاءَ وَالْأَدْهَانِ من الْمَائِعَاتِ بِالْغَسْلِ سِوَى الزِّئْبَقِ على ما تَقَدَّمَ فَلَا يَطْهُرُ بَاطِنُ حَبٍّ نُقِعَ في نَجَاسَةٍ بِتَكْرَارِ غَسْلِهِ وَتَجْفِيفِهِ كُلَّ مَرَّةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْعَجِينِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَطْهُرُ قال في الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو الْمُخْتَارُ. وَمِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا الْإِنَاءُ إذَا تَشَرَّبَ نَجَاسَةً وَالسِّكِّينُ إذَا أُسْقِيَتْ مَاءً نَجِسًا وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ إذَا طُبِخَ بِمَاءٍ نَجِسٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْأَقْوَى عِنْدِي طَهَارَتُهُ وَاعْتُبِرَ الْغَلَيَانُ وَالتَّجْفِيفُ وقال ذلك في مَعْنَى عَصْرِ الثَّوْبِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في مَسْأَلَةِ الْجَلَّالَةِ طَهَارَةَ اللَّحْمِ وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ في ذلك كُلِّهِ عَدَدٌ قال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ أَنْ قال يُغْلَى اللَّحْمُ في مَاءٍ طَاهِرٍ وَتُجَفَّفُ الْحِنْطَةُ ثُمَّ تُغْسَلُ بَعْدَ ذلك مِرَارًا إنْ اعْتَبِرْنَا الْعَدَدَ وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى على هذه الرِّوَايَةِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ انْتَهَى. وَلَا يَطْهُرُ الْجِسْمُ الصَّقِيلُ بِمَسْحِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَطْهُرُ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هل يَطْهُرُ أو يُعْفَى عَمَّا بَقِيَ على وَجْهَيْنِ وَعَنْهُ تَطْهُرُ سِكِّينٌ من دَمِ ذَبِيحَةٍ بِمَسْحِهَا فَقَطْ وَيَطْهُرُ اللَّبِنُ وَالْآجُرُّ وَالتُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ بِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَطْهُرُ وَقِيلَ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ كما لو كانت النَّجَاسَةُ أَعْيَانًا وَطُبِخَ ثُمَّ غُسِلَ ظَاهِرُهُ فإنه يَطْهُرُ وَكَذَا بَاطِنُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إنْ سُحِقَ لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ وَقِيلَ يَطْهُرُ بِالنَّارِ.
تنبيه: قَوْلُهُ وإذا خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ لَزِمَهُ غَسْلُ ما تَيَقَّنَ بِهِ إزَالَتَهَا. أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا قَالَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ في الرِّعَايَةِ وَالنُّكَتِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ لَزِمَهُ غَسْلُ ما تَيَقَّنَ بِهِ إزَالَتَهَا. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَكْفِي الظَّنُّ في غَسْلِ الْمَذْيِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ يَكْفِي الظَّنُّ في غَسْلِ الْمَذْيِ وَغَيْرِهِ من النَّجَاسَاتِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ يُحْتَمَلُ أَنْ تُخَرَّجَ رِوَايَةٌ في بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ من الرِّوَايَةِ التي في الْمَذْيِ وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْجَلَّالَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ ذلك بِالْمَذْيِ لِأَنَّهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على رِوَايَةٍ لَكِنْ لَازِمُ ذلك أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كل نَجَاسَةٍ يُعْفَى عن يَسِيرِهَا وهو مُلْتَزَمٌ انْتَهَى. قُلْت قال في النُّكَتِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على جَوَازِ التَّحَرِّي في غَيْرِ صَحْرَاءَ. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ ويجزي [ويجزئ] في بَوْلِ الْغُلَامِ الذي لم يَأْكُلْ الطَّعَامَ النَّضْحُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّ بَوْلَهُ طَاهِرٌ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ بَلْ هو ظَاهِرُهُ فإنه قال وما خَرَجَ من الْإِنْسَانِ من بَوْلٍ وَغَيْرِهِ فإنه نَجِسٌ إلَّا بَوْلَ الْغُلَامِ الذي لم يَأْكُلْ الطَّعَامَ فإنه يُرَشُّ عليه الْمَاءُ وَاخْتَارَهُ ابو إِسْحَاقَ ابن شَاقِلَا لَكِنْ قال يُعِيدُ الصَّلَاةَ كما روى عن أبي عبد اللَّهِ إذَا صلى في ثَوْبٍ فيه مَنِيٌّ ولم يَغْسِلْهُ ولم يَفْرُكْهُ يُعِيدُ وَإِنْ كان طَاهِرًا قال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ وَهَذَا بَعِيدٌ قال في الرِّعَايَةِ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال الْقَاضِي عن هذا الْقَوْلِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْت فَيُعَايَى بها على قَوْلِ أبي إِسْحَاقَ. الثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ الذي لم يَأْكُلْ الطَّعَامَ يَعْنِي بِشَهْوَةٍ وَالنَّضْحُ غَمْرُهُ بِالْمَاءِ وَإِنْ لم يَقْطُرْ منه شَيْءٌ. قَوْلُهُ وإذا تَنَجَّسَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أو الْحِذَاءِ وَجَبَ غَسْلُهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالْأَرْضِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وقال اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ. قُلْت منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالتَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وابن رَزِينٍ وَعَنْهُ يُغْسَلُ من الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَيُدَلَّكُ من غَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن عُبَيْدَانَ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقِيلَ يُجْزِئُ دَلْكُهُ من الْيَابِسَةِ لَا الرَّطْبَةِ وَحَمَلَ الْقَاضِي الرِّوَايَاتِ على ما إذَا كانت النَّجَاسَةُ يَابِسَةً وقال إذَا دَلَكَهَا وَهِيَ رَطْبَةٌ لم يُجْزِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ في إلْحَاقِ الرَّطْبَةِ بِالْيَابِسَةِ الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن عَقِيلٍ إلْحَاقُ طَرَفِ الْخُفِّ بِأَسْفَلِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ. قُلْت يَتَوَجَّهُ فيه وَجْهَانِ من نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْمَسِّ بِحَرْفِ الْكَفِّ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا مَسُّهُ بِكَفِّهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ الدَّلْكُ لَا يُطَهِّرُهُ بَلْ هو مَعْفُوٌّ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلَا يُطَهِّرُهُمَا بِحَيْثُ لَا يَنْجُسَانِ الْمَائِعُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ وَقَعَا في مَاءٍ يَسِيرٍ تَنَجَّسَ على الصَّحِيحِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ لَا يَطْهُرُ الْمَحَلُّ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يَطْهُرُ قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. قُلْت منهم ابن حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابن عُبَيْدَانَ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي وابن تَمِيمٍ.
فائدة: حُكْمُ حَكِّهِ بِشَيْءٍ حُكْمُ دَلْكِهِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَنَجَّسَ غَيْرُ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّلْكُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ في ذَيْلِ الْمَرْأَةِ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ كما نَقَلَ إسْمَاعِيلُ ابن سَعِيدٍ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ على طَاهِرٍ بِذَيْلِهَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال ذَيْلُ ثَوْبِ آدَمِيٍّ أو إزَارُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَدَخَلَ في مَفْهُومِ كَلَامِهِ الرِّجْلُ إذَا تَنَجَّسَتْ لَا يُجْزِئُ دَلْكُهَا بِالْأَرْضِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ هي كَالْخُفِّ وَالْحِذَاءِ حَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاخْتَارَهُ قال في الْفَائِقِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ في رِجْلِ الْحَافِي عَادَةً وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَلَا يُعْفَى عن يَسِيرٍ من النَّجَاسَاتِ إلَّا الدَّمَ وما تَوَلَّدَ منه من الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ وما تَوَلَّدَ منه يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا. أَحَدُهَا دَمُ الْآدَمِيِّ وما تَوَلَّدَ منه من الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ سَوَاءٌ كان منه أو من غَيْرِهِ غَيْرُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وما خَرَجَ من السَّبِيلَيْنِ. الثَّانِي دَمُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لَحْمُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَفْوُ عنه وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ الْعَفْوُ عن يَسِيرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عنه فِيهِمَا وَقِيلَ لَا يُعْفَى عنه إلَّا إذَا كان من دَمِ نَفْسِهِ وهو احْتِمَالٌ في التَّلْخِيصِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ من الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ولم يَقُمْ دَلِيلٌ على نَجَاسَتِهِ حَكَى جَدُّهُ عن بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ طَهَارَتَهُ وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِ شَيْءٍ من النَّجَاسَاتِ في الصَّلَاةِ حكاه ابن الزَّاغُونِيِّ. الثَّالِثُ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يعفي عن يَسِيرِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لِإِطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عن الدَّمِ وَقِيلَ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. الرَّابِعُ الدَّمُ الْخَارِجُ من السَّبِيلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَفْوُ عن يَسِيرِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَمَاعَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عن ذلك اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ. الْخَامِسُ دَمُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الذي لَا يُؤْكَلُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَالْقَمْلِ وَنَحْوِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالتَّسْهِيلِ وابن رَزِينٍ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ فَإِنَّهُمَا قَالَا وما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فإنه قال في الْمَعْفُوِّ عنه من حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ وَقَطَعَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِدَمِ الْآدَمِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. السَّادِسُ دَمُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وفي الْفُرُوعِ احْتِمَالٌ بِالْعَفْوِ عنه كَغَيْرِهِ وقال في الْفَائِقِ في الْعَفْوِ عن دَمِ الْخِنْزِيرِ وَجْهَانِ.
فوائد: الْأُولَى حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَفْوِ عن الْيَسِيرِ فَمَحَلُّهُ في بَابِ الطَّهَارَةِ دُونَ الْمَائِعَاتِ على ما يَأْتِي بَيَانُهُ. الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَفْوِ عن يَسِيرِهِ فَيُضَمُّ مُتَفَرِّقًا في ثَوْبٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُضَمُّ بَلْ لِكُلِّ دَمٍ حُكْمٌ وَإِنْ كان في ثَوْبَيْنِ لم يُضَمَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ لِكُلِّ دَمٍ حُكْمٌ وَقِيلَ يُضَمُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَيَأْتِي إذَا لَبِسَ ثِيَابًا في كل ثَوْبٍ قَدْرٌ من الْحَرِيرِ يُعْفَى عنه هل يُبَاحُ أو يُكْرَهُ في آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. الثَّالِثَةُ في الدِّمَاءِ الطَّاهِرَةِ الْمُخْتَلَفِ فيها وَالْمُتَّفَقِ عليها منها دَمُ عُرُوقِ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ نَصَّ عليه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَنْفَكُّ عنه فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ نَجَاسَتُهُ قال ابن الْجَوْزِيِّ الْمُحَرَّمُ هو الدَّمُ الْمَسْفُوحُ ثُمَّ قال الْقَاضِي فَأَمَّا الدَّمُ الذي يَبْقَى في خَلَلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ وما يَبْقَى في الْعُرُوقِ فَمُبَاحٌ قال في الْفُرُوعِ ولم يذكر جَمَاعَةٌ إلَّا دَمَ الْعُرُوقِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فيه لَا أَعْلَمُ خِلَافًا في الْعَفْوِ عنه وَأَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَرَقَ بَلْ يُؤْكَلُ مَعَهَا انْتَهَى. قُلْت وَمِمَّنْ قال بِطَهَارَةِ بَقِيَّةِ الدَّمِ الذي في اللَّحْمِ غَيْرِ دَمِ الْعُرُوقِ وَإِنْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ ابن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْهَا دَمُ السَّمَكِ وهو طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيُؤْكَلُ وَقِيلَ نَجِسٌ. وَمِنْهَا دَمُ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهَا وهو طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال قال بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُحَرَّرِ صَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الِانْتِصَارِ في مَوْضِعٍ وَحَكَاهُ عن الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ الْمَجْدُ وَعَنْهُ نَجِسٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُذْهَبِ وابن عُبَيْدَانَ. وَمِنْهَا دَمُ الشَّهِيدِ وهو طَاهِرٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ نَجِسٌ وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ فَيُعَايَى بها ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في الْمَنْثُورِ وَقِيلَ طَاهِرٌ ما دَامَ عليه قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَهُمَا دَمَانِ وَلَا خِلَافَ في طَهَارَتِهِمَا. وَمِنْهَا الْمِسْكُ وَاخْتُلِفَ مِمَّ هو فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سُرَّةُ الْغَزَالِ وَقِيلَ هو من دَابَّةٍ في الْبَحْرِ لها أَنْيَابٌ قال في التَّلْخِيصِ فَيَكُونُ مِمَّا يُؤْكَلُ وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ هو دَمُ الْغِزْلَانِ وهو طَاهِرٌ وَفَأْرَتُهُ أَيْضًا طَاهِرَةٌ على الصَّحِيحِ وقال الْأَزَجِيُّ فَأْرَتُهُ نَجِسَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ نَجَاسَةُ الْمِسْكِ لِأَنَّهُ جَزْءٌ من حَيَوَانٍ لَكِنَّهُ يَنْفَصِلُ بِطَبْعِهِ. وَمِنْهَا الْعَلَقَةُ التي يُخْلَقُ منها الْآدَمِيُّ أو حَيَوَانٌ طَاهِرٌ وَهِيَ طَاهِرَةٌ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها نَجِسَةٌ لِأَنَّهَا دَمٌ خَارِجٌ من الْفَرْجِ قال في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ نَجَاسَتُهَا وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ نَجِسَةٌ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُذْهَبُ وَحَكَاهُمَا ابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَالْمُضْغَةُ كَالْعَلَقَةِ وَمِثْلُهَا الْبَيْضَةُ إذَا صَارَتْ دَمًا فَهِيَ طَاهِرَةٌ على الصَّحِيحِ قاله ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ نَجِسَةٌ قال الْمَجْدُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَلَقَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ نَجَاسَةُ بَيْضِ نَدٍّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ وَالْمِدَّةَ نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ طَهَارَةُ ذلك اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فقال لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ من الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ولم يَقُمْ دَلِيلٌ على نَجَاسَتِهِ انْتَهَى. وَأَمَّا مَاءُ الْقُرُوحِ فقال في الْفُرُوعِ هو نَجِسٌ في ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ وَإِلَّا فَلَا. قُلْت منهم صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ من الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْمِدَّةِ وَأَمَّا ما يَسِيلُ من الْفَمِ وَقْتَ النَّوْمِ فَطَاهِرٌ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ.
تنبيه: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَأَثَرُ الِاسْتِنْجَاءِ أَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ ذَكَرَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال لو قَعَدَ في مَاءٍ يَسِيرٍ نَجَّسَهُ أو عَرَقٍ فَهُوَ نَجِسٌ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِالْكُلِّيَّةِ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال ابن عُبَيْدَانِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن حَامِدٍ وأبو حَفْصِ ابن الْمُسْلِمَةِ الْعُكْبَرِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ في بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يُعْفَى عن عَرَقِ الْمُسْتَجْمِرِ في سَرَاوِيلِهِ نَصَّ عليه وَاسْتَدَلَّ في الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ بِالنَّصِّ على أَنَّ أَثَرَ الِاسْتِجْمَارِ طَاهِرٌ لَا أَنَّهُ نَجِسٌ وَيُعْفَى عنه وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عنه إلَّا في مَحَلِّهِ وَلَا يُعْفَى عنه في سَرَاوِيلِهِ. قَوْلُهُ وَعَنْهُ في الْمَذْيِ وَالْقَيْءِ وَرِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالطَّيْرِ وَعِرْقِهِمَا وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَالنَّبِيذِ وَالْمَنِيِّ أَنَّهُ كَالدَّمِ. يُعْفَى عن يَسِيرِهِ كَالدَّمِ على هذه الرِّوَايَةِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِ شَيْءٍ من ذلك. وَأَمَّا الْمَذْيُ فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ خُصُوصًا في حَقِّ الشَّابِّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن عُبَيْدَانِ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَذْيَ نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ فَيُغْسَلُ كَبَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَنْهُ في الْمَذْيِ أَنَّهُ يُجْزِئُ فيه النَّضْحُ فَيَصِيرُ طَاهِرًا بِهِ كَبَوْلِ الْغُلَامِ الذي لم يَأْكُلْ الطَّعَامَ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُحَرَّرِ صَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ في إشَارَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ فَيُنَجَّسُ وَإِنْ قُلْنَا مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْمَنِيِّ فَلَهُ حُكْمُهُ انْتَهَى وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على طَهَارَتِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ يُغْسَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَيْنِ إذَا خَرَجَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَالْحَوَاشِي وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَعَنْهُ يُغْسَلُ جَمِيعُ الذَّكَرِ فَقَطْ ما أَصَابَهُ الْمَذْيُ وما لم يُصِبْهُ. قُلْت فَيُعَايَى بها على هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ لَا يُغْسَلُ إلَّا ما أَصَابَهُ الْمَذْيُ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانِ وَهِيَ أَظْهَرُ أَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى تُجْزِئُ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى ذَكَرَهُ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وزاد إنْ لم يُلَوِّثْهُمَا الْمَذْيُ نَصَّ عليه. وَأَمَّا الْقَيْءُ فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ قال الْقَاضِي يُعْفَى عن يَسِيرِ الْقَيْءِ وما لَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ كَيَسِيرِ الدُّودِ وَالْحَصَى وَنَحْوِهِمَا إذَا خَرَجَ من غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا رِيقُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَعِرْقُهُمَا على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِمَا فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ قال الْخَلَّالُ وَعَلَيْهِ مَذْهَبُ أبي عبد اللَّهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هو الظَّاهِرُ عن أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا رِيقُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالطَّيْرِ وَعِرْقِهَا على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهَا فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بِنَاءً على رِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَعِرْقِهِمَا وَأَوْلَى وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي في مَوْضِعٍ. وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّصَّ بِالْعَفْوِ عن يَسِيرِ رِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَكَذَلِكَ ما كان في مَعْنَاهُمَا من سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في أَرْوَاثِهَا وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في سِبَاعِ الطَّيْرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا بَوْلُ الْخُفَّاشِ وَكَذَا الْخِشَافُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَكَذَا الْخُطَّافُ قَالَهُ في الْفَائِقِ فَلَا يُعْفَى عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا النَّبِيذُ النَّجِسُ فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ في الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا الْمَنِيُّ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ فَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا ظَاهِرُ النَّصِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ. وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا قُلْنَا هو نَجِسٌ هل يُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ مُطْلَقًا أو من الرَّجُلِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِ شَيْءٍ من النَّجَاسَاتِ غَيْرِ ما تَقَدَّمَ وَثَمَّ مَسَائِلُ. منها دَمُ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِمَا يُعْفَى عن ذلك على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَمِنْهَا بَقِيَّةُ دَمِ اللَّحْمِ الْمَأْكُولِ من غَيْرِ الْعُرُوقِ يُعْفَى عنه على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ على ما تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا يَسِيرُ النَّجَاسَةِ إذَا كانت على أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ الدَّلْكِ يُعْفَى عنه على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَمِنْهَا يَسِيرُ سَلَسِ الْبَوْلِ مع كَمَالِ التَّحَفُّظِ يُعْفَى عنه قال النَّاظِمُ قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ عَدَمُ الْعَفْوِ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَسِيرُ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَمِنْهَا يَسِيرُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِهَا وَبُخَارِهَا يُعْفَى عنه ما لم تَظْهَرْ له صِفَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ يُعْفَى عن ذلك ما لم يَتَكَاثَفْ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ ما لم يَجْتَمِعْ منه شَيْءٌ وَيَظْهَرْ له صِفَةٌ وَقِيلَ أو تَعَذَّرَ أو تَعَسَّرَ التَّحَرُّزُ منه وَأَطْلَقَ أبو الْمَعَالِي الْعَفْوَ عن غُبَارِ النَّجَاسَةِ ولم يُقَيِّدْهُ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَقِيلَ لَا يُعْفَى عن يَسِيرِ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَصَابَ غُبَارٌ نَجِسٌ من طَرِيقٍ أو غَيْرِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ في الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ النَّجَاسَةَ بِهِ. وَمِنْهَا يَسِيرُ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ على الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِمَا يُعْفَى عنه في رِوَايَةٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عنه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وزاد وَمَنِيُّهُ وقيئه [وقيؤه] وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى في الْفَائِقِ. وَمِنْهَا يَسِيرُ بَوْلِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَرَوْثِهِمَا وَكَذَا يَسِيرُ بَوْلِ كل بَهِيمٍ نَجِسٍ أو طَاهِرٍ لَا يوكل وَيَنْجُسُ بِمَوْتِهِ لَا يُعْفَى عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْمَجْدُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُعْفَى عنه وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ في رَوْثِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ. وَمِنْهَا يَسِيرُ نَجَاسَةِ الْجَلَّالَةِ قبل حَبْسِهَا لَا يُعْفَى عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُعْفَى عنه وهو رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَمِنْهَا يَسِيرُ الْوَدْيِ لَا يُعْفَى عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يعفي عنه رِوَايَةً في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا فيها وابن تَمِيمٍ. وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الرِّعَايَةِ يُعْفَى عن يَسِيرِ الْمَاءِ النَّجِسِ بِمَا عفى عنه من دَمٍ وَنَحْوِهِ في الْأَصَحِّ وَاخْتَارَ الْعَفْوَ عن يَسِيرِ ما لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ ثُمَّ قال وَقِيلَ إنْ سَقَطَ ذُبَابٌ على نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ ثُمَّ وَقَعَ في مَائِعٍ أو رَطْبٍ نَجِسٍ وَإِلَّا فَلَا إنْ مَضَى زَمَنٌ يَجِفُّ فيه وَقِيلَ يُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ التَّحَرُّزُ منه غَالِبًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْعَفْوَ عن يَسِيرِ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ مُطْلَقًا في الْأَطْعِمَةِ وغيرها [وغيرهم] حتى بَعْرِ الْفَأْرِ قال في الْفُرُوعِ وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ النَّظْمِ. قُلْت قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت الْأَوْلَى الْعَفْوُ عنه في الثِّيَابِ وَالْأَطْعِمَةِ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ وَلَا يَشُكُّ ذُو عَقْلٍ في عُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ خُصُوصًا في الطَّوَاحِينِ وَمَعَاصِرِ السُّكَّرِ وَالزَّيْتِ وهو أَشَقُّ صِيَانَةً من سُؤْرِ الْفَأْرِ وَمِنْ دَمِ الذُّبَابِ وَنَحْوِهِ وَرَجِيعِهِ وقد اخْتَارَ طَهَارَتَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ انْتَهَى. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا قُلْت يُعْفَى عن يَسِيرِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفِ فيه لِأَجْلِ الْخِلَافِ فيه فَالْخِلَافُ في الْكَلْبِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى انْتَهَى. وَأَمَّا طِينُ الشَّوَارِعِ فما ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ من ذلك فَهُوَ طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن تَمِيمٍ هو طاهر [ظاهر] ما لم تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ طَاهِرٌ نَصَّ عليه أَحْمَدُ في مَوَاضِعَ وَجَعَلَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْمَذْهَبَ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ وهو الطَّهَارَةُ في الْأَعْيَانِ كُلِّهَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَطِينُ الشَّوَارِعِ طَاهِرٌ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالنَّظْمِ وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ قال ابن تَمِيمٍ اخْتَارَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَعَلَيْهَا يُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وهو احْتِمَالُ من عِنْدَهُ فيه اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ لَا يُعْفَى عنه قال في التَّلْخِيصِ ولم أَعْرِفْ لِأَصْحَابِنَا فيه قَوْلًا صَرِيحًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عنه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُهِمِّ أَنَّ ابن تَمِيمٍ قال إذَا كان الشِّتَاءُ فَفِي نَجَاسَةِ الْأَرْضِ رِوَايَتَانِ فإذا جاء الصَّيْفُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً فَإِنْ عُلِمَ نَجَاسَتُهَا فَهِيَ نَجِسَةٌ وَيُعْفَى عن يَسِيرِهِ على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ طِينِ الشَّوَارِعِ عُفِيَ عن يَسِيرِهِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عنه ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ انْتَهَى وَقِيلَ لَا يُعْفَى عنه وَقِيلَ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ إنْ شُقَّ وَإِلَّا فَلَا وَقَطَعَ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ أَنَّ تُرَابَ الشَّارِعِ طَاهِرٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ.
تنبيه: حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَفْوِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَمَحَلُّهُ في الْجَامِدَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ إلَّا عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فإن عِنْدَهُ يُعْفَى عن يَسِيرِ النَّجَاسَاتِ في الْأَطْعِمَةِ أَيْضًا كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا ما يُعْفَى عن يَسِيرِهِ يُعْفَى عن أَثَرِ كَثِيرِهِ على جِسْمٍ صَقِيلٍ بَعْدَ مَسْحِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ بَعْدَهُ. الثَّانِيَةُ حَدُّ الْيَسِيرِ هُنَا ما لم يُنْقِضْ الْوُضُوءَ وَحَدُّ الْكَثِيرِ ما نَقَضَ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ من الْأَقْوَالِ وَالرِّوَايَاتِ فما لم يُنْقِضْ هُنَاكَ فَهُوَ يَسِيرٌ هُنَا وما نَقَضَ هُنَاكَ فَهُوَ كَثِيرٌ هُنَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ مُشْكِلٌ يَأْتِي بَيَانُهُ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَلَكِنْ قَدَّمَ في الْفَائِقِ هُنَا ما يَسْتَفْحِشُهُ كُلُّ إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ وَقَدَّمَ هُنَاكَ ما فَحُشَ في أَنْفُسِ أَوْسَاطِ الناس وَقَدَّمَ في الْمُسْتَوْعِبِ هُنَاكَ ما فَحُشَ في النَّفْسِ وَقَدَّمَ هُنَا الْيَسِيرَ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَبِعَهُ ابن عُبَيْدَانِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضَ الْأَقْوَالِ التي في الْمَسْأَلَةِ هُنَا وَقِيلَ الْكَثِيرُ ما يُنْقِضُ الْوُضُوءَ وقال في نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَعَنْهُ الْكَثِيرُ ما لَا يُعْفَى عنه في الصَّلَاةِ فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبِنَاءِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا أَنَّ الْكَثِيرَ ما فَحُشَ في نُفُوسِ أَوْسَاطِ الناس كما قَدَّمَهُ هُنَاكَ وَقَدَّمَ ابن تَمِيمٍ في الْمَوْضِعَيْنِ ما فَحُشَ في نَفْسِ كل إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ وَعَنْهُ الْيَسِيرُ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ كما تَقَدَّمَ وَعَنْهُ ما دُونَ قَدْرِ الْكَفِّ وَعَنْهُ ما دُونَ فِثْرٍ في فتر [فثر] وهو قَوْلٌ في الْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ هو الْقَطْرَةُ وَالْقَطْرَتَانِ وما زَادَ عَلَيْهِمَا فَكَثِيرٌ وَعَنْهُ الْيَسِيرُ ما دُونَ ذِرَاعٍ في ذِرَاعٍ حَكَاهَا أبو الْحُسَيْنِ وَعَنْهُ ما دُونَ قَدَمٍ وَعَنْهُ ما يَرْفَعُهُ الْإِنْسَانُ بِأَصَابِعِهِ الْخَمْسِ وَعَنْهُ هو قَدْرُ عَشَرِ أَصَابِعَ حَكَاهَا ابن عُبَيْدَانِ وقال ابن أبي مُوسَى ما فَحُشَ في نَفْسِ الْمُصَلِّي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ معه وما لم يَفْحُشْ إنْ بَلَغَ الْفِتْرَ لم تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ. قُلْت هذه الْأَقْوَالُ التِّسْعَةُ الضَّعِيفَةُ لَا دَلِيلَ عليها وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْكَثِيرَ ما فَحُشَ في النَّفْسِ وَالْيَسِيرُ ما لم يَفْحُشْ في النَّفْسِ لَكِنْ هل كُلُّ إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ أو الِاعْتِبَارُ بِأَوْسَاطِ الناس على ما تَقَدَّمَ في بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ. تَنْبِيهَاتٌ. أحدها قال في الْفُرُوعِ وَالْيَسِيرُ قَدْرُ ما نُقِضَ وَظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْيَسِيرَ قَدْرُ ما لم يُنْقَضْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَالْكَثِيرُ قَدْرُ ما نُقِضَ وَحَصَلَ سَبْقُ قَلَمٍ فَكَتَبَ وَالْيَسِيرُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرُ ما لم يُنْقَضْ وَسَقَطَ لَفْظُ لم قال شَيْخُنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ قَدْرُ مُنَوَّنَةٌ وما نَافِيَةٌ فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وهو بَعِيدٌ. الثَّانِي مَحَلُّ الْخِلَافِ هُنَا في الْيَسِيرِ عِنْدَ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَان في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الدَّمِ وَنَحْوِهِ لَا غَيْرُ قال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ كَثِيرُ الْقَيْءِ مِلْءُ الْفَمِ وَعَنْهُ نِصْفُهُ وَعَنْهُ ما زَادَ على النَّوَاةِ وَعَنْهُ هو كَالدَّمِ سَوَاءٌ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ وَمِلْءُ الْفَمِ ما يَمْتَنِعُ الْكَلَامُ معه في وَجْهٍ وفي آخَرَ ما لم يُمْكِنْ إمْسَاكُهُ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في مُقْنِعِهِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمَا شُمُولُ غَيْرِ الدَّمِ مِمَّا يُمْكِنُ وُجُودُهُ كَالْقَيْءِ وَنَحْوِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. قَوْلُهُ وَلَا يَنْجُسُ الْآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا وَسَوَاءٌ جُمْلَتُهُ وَأَطْرَافُهُ وَأَبْعَاضُهُ وَقَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ في بَعْضِ كُتُبِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لم يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بين الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِاسْتِوَائِهِمَا في الْآدَمِيَّةِ وفي الْحَيَاةِ وَعَنْهُ يَنْجُسُ مُطْلَقًا فَعَلَيْهَا قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْجُسُ الشَّهِيدُ بِالْقَتْلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يَنْجُسُ الْكَافِرُ دُونَ الْمُسْلِمِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَابَعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يَنْجُسُ الْكَافِرُ بِمَوْتِهِ على كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ في الْمُسْلِمِ. وَلَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ أَبَدًا كَالشَّاةِ وَخَصَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ الْخِلَافَ بِالْمُسْلِمِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ في الْكَافِرِ وَعَنْهُ يَنْجُسُ طَرْفُ الْآدَمِيِّ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا صَحَّحَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَبْطَلَ قِيَاسَ الْجُمْلَةِ على الطَّرْفِ في النَّجَاسَةِ بِالشَّهِيدِ فإنه يَنْجُسُ طَرْفُهُ بِقَطْعِهِ وَلَوْ قُتِلَ كان طَاهِرًا لِأَنَّ لِلْجُمْلَةِ من الْحُرْمَةِ ما ليس لِلطَّرْفِ بِدَلِيلِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لو وَقَعَ في مَاءٍ فَغَيَّرَهُ لم يَنْجُسْ الْمَاءُ ذَكَرَهُ في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ وَاقْتَصَرَ عليه ابن تَمِيمٍ. قُلْت فَيُعَايَى بها على قَوْلِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ. وقال ابن عَقِيلٍ قال أَصْحَابُنَا رِوَايَةُ التَّنْجِيسِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ كَثْرَةُ الْمَاءِ الْخَارِجِ يَخْرُجُ منه لَا لِنَجَاسَةٍ في نَفْسِهِ قال وَلَا يَصِحُّ كما لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ وَيَأْتِي إذَا سَقَطَتْ سِنُّهُ فَأَعَادَهَا بِحَرَارَتِهَا.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فإنه لَا خِلَافَ فيه قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت وَعَلَى قِيَاسِهِ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه. قَوْلُهُ وما لَا نَفْسَ له سَائِلَةٌ. يَعْنِي لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ إذَا لم يَتَوَلَّدْ من النَّجَاسَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَنْجُسُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أو لم يَكُنْ يُؤْكَلُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لَا يُكْرَهُ ما مَاتَ فيه وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِالْكَرَاهَةِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لَا يَنْجُسُ ما مَاتَ فيه على الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا يَنْجُسُ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ منه وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وقال جَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الذُّبَابَ وَالْبَقَّ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَنْجُسُ ما مَاتَ فيه على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعُ وَقِيلَ لَا يُنَجِّسُهُ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ لَا يُنَجِّسُهُ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ منه وَإِلَّا نُجِّسَ قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يَنْجُسُ إنْ لم يُؤْكَلْ فَيَنْجُسُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ في الْأَصَحِّ إنْ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ منه غَالِبًا.
تنبيه: قَوْلُهُ كَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِ فَنَحْوُ الذُّبَابِ الْبَقُّ وَالْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ وَالزَّنَابِيرُ وَالسَّرَطَانُ وَالْقَمْلُ وَالْبَرَاغِيثُ وَالنَّحْلُ وَالنَّمْلُ وَالدُّودُ وَالصَّرَاصِيرُ وَالْجُعَلُ وَنَحْوُ ذلك وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَزَغَ لها نَفْسٌ سَائِلَةٌ نَصَّ عليه كَالْحَيَّةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ ليس لها نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ وفي تَنْجِيسِ الْوَزَغِ وَدُودِ الْقَزِّ وَبِزْرِهِ وَجْهَانِ.
فائدة: إذَا مَاتَ في الْمَاءِ الْيَسِيرِ حَيَوَانٌ لَا يُعْلَمُ هل يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا لم يَنْجُسْ الْمَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لم يَنْجُسْ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْقَوَاعِدِ وهو الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ يَنْجُسُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وابن عُبَيْدَانَ وَكَذَا الْحُكْمُ لو وُجِدَ فيه رَوْثَةٌ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ. قَوْلُهُ وَبَوْلُ ما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ طَاهِرٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَنْجُسُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرَّوْثِ وَالْبَوْلِ في الْهِدَايَةِ.
فائدة: قال في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ الْإِبِلِ لِلْأَثَرِ. وَإِنْ قُلْنَا هو نَجِسٌ وقال في الْآدَابِ يَجُوزُ شُرْبُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ لِلضَّرُورَةِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَالْمَيْمُونِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَأَمَّا شُرْبُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فقال في رِوَايَةِ أبي دَاوُد أَمَّا من عِلَّةٍ فَنَعَمْ وَأَمَّا رَجُلٌ صَحِيحٌ فَلَا يُعْجِبُنِي قال الْقَاضِي في كِتَابِ الطِّبِّ يَجِبُ حَمْلُهُ على أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا على طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ أو على رِوَايَةِ نَجَاسَتِهِ وَأَمَّا على رِوَايَةِ طَهَارَتِهِ فَيَجُوزُ شُرْبُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ انْتَهَى وَقَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا لِغَيْرِ التَّدَاوِي قال في الْآدَابِ وهو أَشْهَرُ وَيَأْتِي هذا وَغَيْرُهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا. تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَوْلَ السَّمَكِ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ وهو صَحِيحٌ لَكِنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ لم يَحْكِ في طَهَارَتِهِ خِلَافًا وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا بِنَجَاسَتِهِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ بِنَجَاسَتِهِ. الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ بَوْلَ ما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ إذَا كان طَاهِرًا نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنِيَّ ما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إذَا كان طَاهِرًا نَجِسٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ طَاهِرٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَمَحَلُّ هذا في غَيْرِ ما لَا نَفْسَ له سَائِلَةٌ فَإِنْ كان مِمَّا لَا نَفْسَ له سَائِلَةٌ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ في قَوْلِنَا قاله ابن عُبَيْدَانَ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَجْهًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ نَجَاسَتُهُ إذَا لم يَكُنْ مَأْكُولًا. قَوْلُهُ وَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرُوهُ سَوَاءٌ كان من احْتِلَامٍ أو جِمَاعٍ من رَجُلٍ أو امْرَأَةٍ لَا يَجِبُ فيه فَرْكٌ وَلَا غَسْلٌ وقال أبو إِسْحَاقَ يَجِبُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ لم يَفْعَلْ أَعَادَ ما صلى فيه قبل ذلك وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ يُجْزِئُ. فَرْكُ يَابِسِهِ وَمَسْحُ رَطْبِهِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ يجزى [يجزئ] فَرْكُ يَابِسِهِ من الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ قَدَّمَهَا في الْفَرْكِ في الْحَاوِي وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْبَوْلِ فَلَا يُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ وَقَطَعَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في مَنِيِّ الْخَصِيِّ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَجْرَى بَوْلِهِ وَقِيلَ مَنِيُّ الْجِمَاعِ نَجِسٌ دُونَ مَنِيِّ الِاحْتِلَامِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ نَجِسٌ دُونَ مَنِيِّ الرَّجُلِ حَكَاهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ مَنِيُّ الْمُسْتَجْمِرِ نَجِسٌ دُونَ غَيْرِهِ.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَدْيَ نَجِسٌ وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْمَذْيِ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْهِدَايَةِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَذْيِ قَرِيبًا وَحُكْمُ الْمَعْفُوِّ عنه وَعَنْ الْوَدْيِ. قَوْلُهُ وفي رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ رِوَايَتَانِ. أَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا هو طَاهِرٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن مُنَجَّا وابن عُبَيْدَانَ في شُرُوحِهِمْ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ نَجِسَةٌ اخْتَارَهَا أبو إِسْحَاقَ ابن شَاقِلَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال الْقَاضِي ما أَصَابَ منه في حَالِ الْجِمَاعِ نَجِسٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ من الْمَذْيِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.
فائدة: بَلْغَمُ الْمَعِدَةِ طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقِيلَ كَالْقَيْءِ. وَأَمَّا بَلْغَمُ الرَّأْسِ إذَا انْعَقَدَ وَازْرَقَّ وَبَلْغَمُ الصَّدْرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. طَهَارَتُهُمَا قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ طَهَارَتُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْفَائِقُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقِيلَ فِيهِمَا الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ في بَلْغَمِ الْمَعِدَةِ. قُلْت ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ بَلْغَمُ الصَّدْرِ نَجِسٌ جَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَقِيلَ بَلْغَمُ الصَّدْرِ إنْ انْعَقَدَ وَازْرَقَّ كَالْقَيْءِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ هل يَنْقُضُ خُرُوجُ الْبَلْغَمِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ نَجِسَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ في الْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قال في الْمُذْهَبِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ أنها طَاهِرَةٌ غَيْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ طَهَارَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ. قُلْت وهو الصَّحِيحُ وَالْأَقْوَى دَلِيلًا. وَعَنْهُ في الطَّيْرِ لَا يُعْجِبُنِي عَرَقُهُ إنْ أَكَلَ الْجِيَفَ فَدَلَّ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ فَقَطْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَالَ إلَيْهِ وَعَنْهُ سُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ مَشْكُوكٌ فيه فَيَتَيَمَّمُ معه لِلْحَدَثِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ وَلِلنَّجِسِ فَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفًّا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ وَتَيَمَّمَ صلى بِهِ وهو لُبْسٌ على طَهَارَةٍ لَا يصلى بها فَيُعَايَى بها وقال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْبُدَاءَةُ بِالتَّيَمُّمِ وَأَنْ يصلى بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاةً لِيُؤَدِّيَ فَرْضَهُ بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ إنْ كان نَجِسًا تَأَدَّى فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَإِنْ كان طَاهِرًا كانت الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ ولم يَضُرَّهُ فَسَادُ الْأُولَى أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ تَيَمَّمَ ثُمَّ صلى لم يَتَيَقَّنْ الصِّحَّةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صلى حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ قال في الْحَاوِيَيْنِ وَهَذَا. أَصَحُّ عِنْدِي وَمَتَى تَيَمَّمَ معه ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ دُونَ وُضُوئِهِ قاله ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. تَنْبِيهَانِ. أحدهما [أحداهما] قَوْلُهُ وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ مُرَادُهُ غَيْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُمَا نَجِسَانِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَهُ بِدَلِيلِ ما ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَمُرَادُهُ غَيْرُ الْهِرِّ وما دُونَهَا في الْخِلْقَةِ بِدَلِيلِ ما يَأْتِي بَعْدَهُ. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِهِ دُخُولُ شَعْرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ في ذلك وَأَنَّهُ نَجِسٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وغيرهم [وغيرهما] قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ كُلُّ حَيَوَانٍ حُكْمُ شَعْرِهِ حُكْمُهُ في الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْآنِيَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في آخِرِ بَابِ الْآنِيَةِ.
فائدة: لَبَنُ الْآدَمِيِّ وَالْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ بِلَا نِزَاعٍ وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ نَجِسٌ وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ قِيلَ نَجِسٌ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ في لَبَنِ حِمَارٍ قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ قَوْلِهِ في لَبَنِ السِّنَّوْرِ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقِيلَ طَاهِرٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحُكْمُ بَيْضِهِ حُكْمُ لَبَنِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِمَا لَا يُؤْكَلَانِ صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي. قَوْلُهُ وَسُؤْرُ الْهِرِّ وما دُونَهَا في الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ. وهو بَقِيَّةُ طَعَامِ الْحَيَوَانِ وَشَرَابِهِ وهو مَهْمُوزٌ يَعْنِي أنها وما دُونَهَا طَاهِرٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ فِيمَا دُونَ الْهِرِّ من الطَّيْرِ وَقِيلَ وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الطَّيْرِ ابن تَمِيمٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ الْوَجْهُ بِنَجَاسَتِهِ ضَعِيفٌ قال الْآمِدِيُّ سُؤْرُ ما دُونَ الْهِرِّ طَاهِرٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْقَاضِي وَجْهًا بِنَجَاسَةِ شَعْرِ الْهِرِّ الْمُنْفَصِلِ في حَيَاتِهَا.
فوائد: إحداها لَا يُكْرَهُ سُؤْرُ الْهِرِّ وما دُونَهَا في الْخِلْقَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في الْهِرِّ وَالْفَأْرِ وَقَدَّمَهُ في مُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ لِأَنَّهَا تَطُوفُ وَلِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ منها كَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْحَيَّةِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّ مِثْلَ الْهِرِّ كَالْهِرِّ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ سُؤْرُ الْفَأْرِ لِأَنَّهُ ينسى وَحَكَى رِوَايَةً قال في الْحَاوِيَيْنِ وَسُؤْرُ الْفَأْرِ مَكْرُوهٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ يُكْرَهُ في الْأَشْهَرِ وَأَطْلَقَ الزَّرْكَشِيُّ في كَرَاهَةِ سُؤْرِ ما دُونَ الْهِرِّ رِوَايَتَيْنِ. الثَّانِيَةُ لو وَقَعَتْ هِرَّةٌ أو فَأْرَةٌ أو نَحْوُهَا مِمَّا يَنْضَمُّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ في مَائِعٍ فَخَرَجَتْ حَيَّةً فَهُوَ طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو وَقَعَتْ في جَامِدٍ وَإِنْ وَقَعَتْ وَمَعَهَا رُطُوبَةٌ في دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ أُلْقِيَتْ وما حَوْلَهَا وَإِنْ اخْتَلَطَ ولم يَنْضَبِطْ حَرُمَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ ما حَدُّ الْجَامِدِ من الْمَائِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَطْهُرُ الْأَدْهَانُ النَّجِسَةُ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ في آخِرِ ما يُعْفَى عنه. الثَّالِثَةُ لو أَكَلَتْ الْهِرَّةُ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ في مَاءٍ يَسِيرٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذلك بَعْدَ غَيْبَتِهَا أو قَبْلَهَا فَإِنْ كان بَعْدَهَا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ نَجِسٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَغَيْرِهِمْ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْأَقْوَى عِنْدِي أنها إنْ وَلَغَتْ عَقِيبَ الْأَكْلِ نَجِسٌ وَإِنْ كان بَعْدَهُ بِزَمَنٍ يَزُولُ فيه أَثَرُ النَّجَاسَةِ بِالرِّيقِ لم يَنْجُسْ قال وَكَذَلِكَ يَقْوَى عِنْدِي جَعْلُ الرِّيقِ مُطَهِّرًا أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وكل [كل] بَهِيمَةٍ طَاهِرَةٍ كَذَلِكَ انْتَهَى وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ في الْفَائِقِ أَنَّ أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ طَاهِرَةٌ وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَنَقَلَ أَنَّ ابْنَةَ الْمُوَفَّقِ نَقَلَتْ أَنَّ أَبَاهَا سُئِلَ عن أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ فقال الشَّيْخُ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْهِرَّةِ إنَّهَا من الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ قال الشَّيْخُ هُمْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ قال فَشَبَّهَ الْهِرَّ بِهِمْ في الْمَشَقَّةِ انْتَهَى وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُرُودُهَا على ما يُطَهِّرُ فَمَهَا وَإِلَّا فَنَجِسٌ وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ كانت الْغَيْبَةُ قَدْرَ ما يُطَهِّرُ فَمَهَا وَإِلَّا فَنَجِسٌ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كان الْوُلُوغُ قبل غَيْبَتِهَا فَقِيلَ طَاهِرٌ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال الْآمِدِيُّ هذا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ نَجِسٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمَجْدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. الرَّابِعَةُ سُؤْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ مُطْلَقًا وَعَنْهُ سُؤْرُ الْكَافِرِ نَجِسٌ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال وَقِيلَ إنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ غَالِبًا أو تَدَيَّنَ بها أو كان وَثَنِيًّا أو مَجُوسِيًّا أو يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ النَّجِسَةَ فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ مَشْهُورَةٌ مُخْتَارَةٌ لِكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. الْخَامِسَةُ يُكْرَهُ سُؤْرُ الدَّجَاجَةِ إذَا لم تَكُنْ مَضْبُوطَةً نَصَّ عليه قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ رِوَايَةٌ بِأَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ طَاهِرٌ وَيَخْرُجُ من ذلك في كل حَيَوَانٍ نَجِسٍ.
|